منتـــديــآت عـــآلم بۈلـــيۈۈد - عرض مشاركة واحدة - واذن في الناس بالحج
عرض مشاركة واحدة
قديم 25 / 10 / 2012, 58 : 02 AM   #3
Berooo
 نجوم في سمآء منتدآنآ © ~
 
الصورة الرمزية Berooo
 
تاريخ التسجيل: 09 / 08 / 2011
الدولة: بغداد الجريحه
المشاركات: 7,841
معدل تقييم المستوى: 21474844
Berooo has a reputation beyond reputeBerooo has a reputation beyond reputeBerooo has a reputation beyond reputeBerooo has a reputation beyond reputeBerooo has a reputation beyond reputeBerooo has a reputation beyond reputeBerooo has a reputation beyond reputeBerooo has a reputation beyond reputeBerooo has a reputation beyond reputeBerooo has a reputation beyond reputeBerooo has a reputation beyond repute
[table1="width:100%;background-image:url('http://im16.gulfup.com/jFVD1.jpg');"][cell="filter:;"][align=center]





























المحرم للمرأة

كرَّم الإسلام المرأة، ورفع من شأنها، وحفظها وسترها بأن أمرها أن تقر في البيت، وإذا خرجت فلا تخرج متبرجة تبرج الجاهلية الأولى قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (الأحزاب:من الآية33). وأمرها بالحجاب والتستر عن الأجانب، وعدم الخلوة بهم، وإذا ما أرادت السفر فلا يحل لها ذلك إلا مع ذي محرم، لكن المسألة التي نريد الحديث عنها هي ماذا لو أرادت المرأة الحج الواجب وليس معها محرم، فهل لها أن تسافر بدون محرم؟
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال:
الأول: ما قالته الشافعية: من أنه لا يجب الحج على المرأة إلا إذا وجدت من يخرج معها للحج من محرم لها، أو زوج، أو نسوة ثقات، وإن لم يكن شيء من الثلاثة لم يلزمها الحج لأن الشرط عند الشافعية لوجوب الحج على المرأة حصول الأمن لها على نفسها، وهذا الأمن لها يحصل بمصاحبة الزوج، أو المحرم، أو النسوة الثقات، وهذا الجواز في فرضية الحج، أما في حج التطوع فلا بد لها من زوج أو محرم، ولا تكفي رفقة النساء على الصحيح من مذهب الشافعي[1].
الثاني: وقالت المالكية: يشترط لوجوب الحج على المرأة أن تجد محرماً من محارمها يسافر معها، أو يخرج معها زوجها إن كانت ذات زوج، ويقوم مقام المحرم الرفقة المأمونة في سفر الفرض فقط، والرفقة المأمونة قد تكون من النساء فقط، أو من الرجال فقط، أو من الرجال والنساء [2].

الثالث: الظاهرية: وقالوا في المرأة التي لا زوج لها، ولا ذا محرم يحج معها؛ فإنها تحج ولا شيء عليها، وإن كان لها زوج ففرض عليه أن يحج معها، وإن لم يفعل فهو عاص لله تعالى، وتحج هي دونه، وليس له منعها من حج الفرض، ولكن له منعها من حج التطوع [3]، واحتجوا بقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} (آل عمران:من الآية97)، ففرض الحج واجب بنص هذه الآية، ومتى كانت المرأة مستطيعة لزمها هذا السفر الواجب للحج دون اشتراط وجود المحرم أو الزوج.
وقالوا: أما الأحاديث التي نهت المرأة عن السفر إلا مع زوج أو ذي رحم محرم؛ فهي عامة لكل سفر، فيجب استثناء الأسفار الواجبة منه، والحج سفر واجب استثناؤه من جملة النهي من سفر المرأة بدون زوج أو محرم، ويمكن أن يجاب عن هذا الاستدلال بأنه لا تعارض بين الأحاديث والآية الكريمة؛ لأن الأحاديث بيَّنت أن وجود المحرم أو الزوج في حق المرأة من جملة الاستطاعة التي هي شرط لوجوب الحج.
الرابع: ما قاله الأحناف: حيث اشترطوا لحج المرأة أن تكون مع زوجها أو محرم لها، فإن لم يوجد أحدهما فلا يجب عليها الحج، واحتجوا بجملة أحاديث سنذكرها فيما بعد، كما احتجوا بأن حجها بدون المحرم أو الزوج يعرضها للفتنة، وهذا ضرر بها، والضرر مرفوع شرعاً[4].
الخامس: قول الحنابلة: حيث ذهب الحنابلة أن الحج لا يجب على المرأة التي لا محرم لها ولا زوج، وقد نص على ذلك الإمام أحمد قال أبو داود: قلت لأحمد: "امرأة موسرة لم يكن لها محرم هل يجب عليها الحج؟ قال: لا"، وعن أحمد: "المحرم من شرائط
الأداء لا الوجوب"، وعلى هذا من فاتها الحج بعد إكمال شرائط الوجوب بموت لا شفاء منه أخرج من مالها ما يحج به عنها، ولكن المذهب عند الحنابلة هو الأول أي أن وجود المحرم أو الزوج من شرائط الوجوب[5]. واستدل الحنفية والحنابلة بأدلة منها:
ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن امرأة وإلا معها محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وخرجت امرأتي حاجة؟ قال: اذهب فحج مع امرأتك)) رواه البخاري (1862).
واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((...لا تسافر امرأة مسيرة يومين ليس معها زوجها أو ذو محرم ...)) رواه البخاري (1864).
وبحديث أبى سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسافر امرأة فوق ثلاث ليال إلا مع ذي محرم)) رواه مسلم (827).
وبحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسافر امرأة مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم)) رواه الترمذي (1170)، وصححه الألباني.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: "قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)) يعمُّ سفر الحج وغيره، وليس على المرأة حج إذا لم تجد محرماً يسافر معها، وقد رخص بعض العلماء في ذلك إذا كانت مع جماعة من النساء بصحبة رجال مأمونين، ولكن ليس عليه دليل، والصواب خلافه للحديث المذكور"[6].
وذكر أهل العلم أن المحرم الذي يكون للمرأة هو زوجها، أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب، أو سبب مباح؛ كأبيها، وابنها،واخيها من نسب او رضاع.






وإن أعظم المنكرات، وأخطر الجرائم؛ هو الشرك بالله سبحانه: وهو صرف العبادة أو بعضها لغيره سبحانه لقول الله عز وجل: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} (النساء:48)، وقوله سبحانه مخاطباً نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (الزمر:65).
حجاج بيت الله الحرام: إن نبينا صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد هجرته إلى المدينة إلا حجة واحدة وهي حجة الوداع وذلك في آخر حياته صلى الله عليه وسلم، وقد علم الناس فيها مناسكهم بقوله وفعله، وقال لهم صلى الله عليه وسلم: ((خذوا عني مناسككم))[1].
فالواجب على المسلمين جميعاً أن يتأسوا به في ذلك، وأن يؤدُّوا مناسكهم على الوجه الذي شرعه لهم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم هو المعلم المرشد، وقد بعثه الله رحمة للعالمين، وحجة على العباد أجمعين، وأمر الله عباده بأن يطيعوه، وبيَّن أن أتباعه هو سبب دخول الجنة، والنجاة من النار، وأنه الدليل على صدق حب العبد لربه، وعلى حب الله للعبد كما قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}(الحشر: 7)، وقال سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (النور: 56)، وقال عز وجل: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ} (النساء: 80)، وقال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب: 21)، وقال سبحانه: {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ} (النساء: 13، 14)، وقال عز وجل: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (الأعراف: 158)، وقال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (آل عمران: 31)، والآيات في هذا المعنى كثيرة، فوصيتي لكم جميعاً، ولنفسي؛ تقوى الله في جميع الأحوال، والصدق في متابعة نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله لتفوزوا بالسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة.
حجاج بيت الله الحرام: إن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم لما كان يوم الثامن من ذي الحجة توجَّه من مكة المكرمة إلى منى ملبياً، وأمر أصحابه رضي الله عنهم أن يهلُّوا بالحج من منازلهم، ويتوجهوا إلى منى، ولم يأمر بطواف الوداع، فدلّ ذلك على أن السنّة لمن أراد الحج من أهل مكة وغيرهم من المقيمين فيها والمحلين من عمرتهم وغيرهم من الحجاج أن يتوجهوا إلى منى في اليوم الثامن ملبِّين بالحج، وليس عليهم أن يذهبوا إلى المسجد الحرام للطواف بالكعبة طواف الوداع.
ويستحب للمسلم عند إحرامه بالحج أن يفعل ما يفعله في الميقات عند الإحرام: من الغسل، والطيب، والتنظيف، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بذلك لما أرادت الإحرام بالحج، وكانت قد أحرمت بالعمرة، فأصابها الحيض عند دخول مكة، وتعذر عليها الطواف قبل خروجها إلى منى، فأمرها صلى الله عليه وسلم أن تغتسل، وتهلّ بالحج، ففعلت ذلك، فصارت قارنة بين الحج والعمرة.
وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم في منى الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، والفجر قصراً دون جمع، وهذا هو السنة تأسياً به صلى الله عليه وسلم.
ويسن للحجاج في هذه الرحلة أن يشتغلوا بالتلبية، وبذكر الله عز وجل، وقراءة القرآن وغير ذلك من وجوه الخير كالدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإحسان إلى الفقراء.
فلما طلعت الشمس يوم عرفة توجَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم إلى عرفات، منهم من يلبي، ومنهم من يكبر، فلما وصل عرفات نزل بقبة من شعر ضربت له بنمرة غربي عرفة، واستظل بها عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على جواز أن يستظل الحجاج بالخيام والشجر ونحوها.
فلما زالت الشمس ركب دابته عليه الصلاة والسلام، وخطب الناس وذكَّرهم، وعلَّمهم مناسك حجهم، وحذَّرهم من الربا وأعمال الجاهلية، وأخبرهم أن دماءهم وأموالهم وأعراضهم عليهم حرام، وأمرهم بالاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأخبرهم أنهم لن يضلوا ما داموا معتصمين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فالواجب على جميع المسلمين أن يلتزموا بهذه الوصية، وأن يستقيموا عليها أينما كانوا، ويجب على حكام المسلمين جميعاً أن يعتصموا بكتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يحكِّموها في جميع شئونهم، وأن يُلزموا شعوبهم بالتحاكم لهما، وذلك هو طريق العزة والكرامة، والسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة. وفق الله الجميع لذلك.
ثم إنه صلى الله عليه وسلم صلى بالناس الظهر والعصر قصراً وجمعاً جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين بعد زوال الشمس، ولم يفصل بينهما بصلاة.
ثم توجه إلى الموقف، واستقبل القبلة، ووقف على دابته يذكر الله ويدعوه، ويرفع يديه بالدعاء حتى غابت الشمس، وكان مفطراً ذلك اليوم، فعلم بذلك أن المشروع للحجاج أن يفعلوا كفعله صلى الله عليه وسلم في عرفات، وأن يشتغلوا بذكر الله، والدعاء، والتلبية إلى غروب الشمس، وأن يرفعوا أيديهم بالدعاء، وأن يكونوا مفطرين لا صائمين.
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما من يوم أكثر عتقاً من النار من يوم عرفة، وإنه سبحانه ليدنو فيباهي بهم ملائكته))[2]، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أن الله يقول يوم عرفة لملائكته: ((انظروا إلى عبادي أتوني شُعثاً غبراً، يرجون رحمتي أشهدكم أني قد غفرت لهم))[3]، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف))[4].
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الغروب توجه ملبياً إلى مزدلفة، وصلى بها المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين بأذان واحد وإقامتين قبل حط الرحال، ولم يصل بينهما شيئاً، فدلَّ ذلك على أن المشروع لجميع الحجاج المبادرة بصلاة المغرب والعشاء جمعاً وقصراً بأذان واحد وإقامتين من حين وصولهم إلى مزدلفة قبل حط الرحال، ولو كان ذلك في وقت المغرب تأسياً به صلى الله عليه وسلم، وعملاً بسنته.
ثم بات بها، وصلى بها الفجر مع سنتها بأذان وإقامة، ثم أتى المشعر فذكر الله عنده وكبَّره، وهلله ودعا ورفع يديه، وقال: ((وقفت ها هنا وجمع كلها موقف)) فدلَّ ذلك على أن جميع مزدلفة موقف للحجاج يبيت كل حاج في مكانه، ويذكر الله ويستغفره في مكانه، ولا حاجة إلى أن يتوجه إلى موقف النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رخَّص النبي صلى الله عليه وسلم ليلة مزدلفة للضعفة أن ينصرفوا إلى منى بليل، فدل ذلك على أنه لا حرج على الضعفة من النساء والمرضى والشيوخ ومن تبعهم في التوجه من مزدلفة إلى منى في النصف الأخير من الليل عملاً بالرخصة، وحذراً من مشقة الزحمة، ويجوز لهم أن يرموا الجمرة ليلاً كما ثبت ذلك عن أم سلمة وأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم.
وذكرت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للنساء بذلك، ثم إنه صلى الله عليه وسلم بعد ما أسفر جداً دفع إلى منى ملبياً فقصد جمرة العقبة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم نحر هديه، ثم حلق رأسه، ثم طيبته عائشه رضي الله عنها
ثم توجه إلى البيت فطاف به، وسُئل صلى الله عليه وسلم في يوم النحر عمن ذبح قبل أن يرمي، ومن حلق قبل أن يذبح، ومن أفاض إلى البيت قبل أن يرمي، فقال: ((لا حرج))، قال الراوي: فما سئل يومئذ عن شيء قدَّم ولا أخَّر إلا قال: ((افعل ولا حرج))[5]، فعُلم بهذا أن السنَّة للحُجاج أن يبدأوا برمي الجمرة يوم العيد، ثم ينحروا إذا كان عليهم هدي، ثم يحلقوا أو يقصروا والحلق أفضل من التقصير؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بالمغفرة والرحمة ثلاث مرات للمحلقين، ومرة واحدة للمقصرين، وبذلك يحصل للحاج التحلل الأول فيلبس المخيط، ويتطيب، ويباح له كل شيء حُرِّم عليه بالإحرام إلا النساء.
ثم يذهب إلى البيت فيطوف به في يوم العيد أو بعده، ويسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً، وبذلك يحلُّ له كل شيء حَرُمَ عليه بالإحرام حتى النساء.
أما إن كان الحاج مفرداً أو قارناً فإنه يكفيه السعي الأول الذي أتى به مع طواف القدوم، فإن لم يسع مع طواف القدوم وجب عليه أن يسعى مع طواف الإفاضة، ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى منى فأقام بها بقية يوم العيد، واليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر يرمي الجمرات كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال، يرمي كل جمرة بسبع حصيات، ويكبِّر مع كل حصاة، ويدعو ويرفع يديه بعد الفراغ من الجمرة الأولى والثانية، ويجعل الأولى عن يساره، والثانية عن يمينه، ولا يقف عند الثالثة، ثم دفع صلى الله عليه وسلم في اليوم الثالث عشر بعد رمي الجمرات فنزل بالأبطح، وصلى بها الظهر والعصر، والمغرب والعشاء.
ثم نزل إلى مكة في آخر الليل، وصلى الفجر بالناس عليه الصلاة والسلام، وطاف للوداع قبل الصلاة، ثم توجَّه بعد الصلاة إلى المدينة في صبيحة اليوم الرابع عشر عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم.
فعُلِم من ذلك أن السنَّة للحاج أن يفعل كفعله صلى الله عليه وسلم في أيام منى، فيرمي الجمار الثلاث بعد الزوال في كل يوم كل واحدة بسبع حصيات، ويكبِّر مع كل حصاة، ويشرع له أن يقف بعد رميه الأولى، ويستقبل القبلة، ويدعو ويرفع يديه، ويجعلها
عن يساره، ويقف بعد رمي الثانية كذلك، ويجعلها عن يمينه، وهذا مستحب وليس بواجب، ولا يقف بعد رمي الثالثة، فإن لم يتيسر له الرمي بعد الزوال وقبل غروب الشمس رمى في الليل عن اليوم الذي غابت شمسه إلى آخر الليل في أصح قولي العلماء رحمة من الله سبحانه بعباده، وتوسعة عليهم، ومن شاء أن يتعجل في اليوم الثاني عشر بعد رمي الجمار فلا بأس، ومن أحب أن يتأخر حتى يرمي الجمار في اليوم الثالث عشر فهو أفضل؛ لكونه موافقاً لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، والسنَّة للحاج أن يبيت في منى ليلة الحادي عشر والثاني عشر، وهذا المبيت واجب عند كثير من أهل العلم، ويكفي أكثر الليل إذا تيسر ذلك، ومن كان له عذر شرعي كالسقاة والرعاة ونحوهم فلا مبيت عليه، أما ليلة الثالث عشر فلا يجب على الحجاج أن يبيتوها بمنى إذا تعجلوا ونفروا من منى قبل الغروب في اليوم الثاني عشر، أما من أدركه المبيت بمنى فإنه يبيت ليلة الثالث عشر، ويرمي الجمار بعد الزوال ثم ينفر، وليس على أحد رمي بعد الثالث عشر ولو أقام بمنى. ومتى أراد الحاج السفر إلى بلاده وجب عليه أن يطوف بالبيت للوداع سبعة أشواط؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت))[6] إلا الحائض والنفساء فلا وداع عليهما لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ((أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض))[7] متفق على صحته، والنفساء مثلها.
ومن أخَّر طواف الإفاضة فطاف عند السفر أجزأه عن الوداع لعموم الحديثين المذكورين، وأسال الله أن يوفق الجميع لما يرضيه، وأن يتقبل منا ومنكم، ويجعلنا وإياكم من العتقاء من النار، إنه ولي ذلك، والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.




أمر الله نبيه وخليله إبراهيم عليه السلام أن يهتف ويؤذن بالحج داعياً البشرية، وحاثاً لهم أن يسارعوا للحج إلى بيت الله الحرام فقال تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} (سورة الحـج:27) قال العلامة ابن سعدي رحمه الله: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ} "أي: أعلمهم به، وادعهم إليه، وبلِّغ دانيهم وقاصيهم فرضه وفضيلته، فإنك إذا دعوتهم أتوك حجاجاً وعماراً، { رِجَالًا }أي: مشاة على أرجلهم من الشوق" تفسير السعدي (1/536).
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: "لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت قيل له: أذِّن في الناس بالحج، قال: رب وما يبلغ صوتي؟ قال: أذِّن وعليَّ البلاغ، قال: فنادى إبراهيم: يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق، فسمعه مَن بين السماء والأرض، أفلا ترون أن الناس يجيئون من أقصى الأرض يلبون"[1]، ومن طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس وفيه: "فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجال، وأرحام النساء، وأول من أجابه أهل اليمن، فليس حاج يحج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة إلا من كان أجاب إبراهيم يومئذ"[2].
ومذ ذلك الوقت والزمان لم تزل جموع الحجيج تتلاحق جيلاً بعد جيل؛ قاصدين هذا البيت العتيق؛ يدخلون حرم الله باكين خاشعين، ذليلين متوجهين إلى الله بقلوبهم وأبدانهم، يترقبون في تلك المشاعر العظيمة من الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا و المروة، والوقوف بعرفة ، والمبيت بمزدلفة ومنى، ورمي الجمار، وذبح الهدي على اسم الله، والحلق أو التقصير، وغيرها من أعمال الحج إلى أن يُودّعوا البيت، كل ذلك بقلوبٍ خاشعة، وأعينٍ دامعة، وألسنةٍ مكبرة مهللة، ملبية داعية.
فيالها من مواقف عظيمة، تُسكب فيها العبرات، ويُتاب فيها من السيئات، ويُكثر فيها من الصالحات؛ وتقال فيها العثرات، وتُغفر الخطيئات، وتُستر الزلات بعفو الله ولطفه.
في هذه الأيام تشرئب الأعناق، وترنوا الأبصار، وتنجذب القلوب، وتتجه الأنظار، وتهوي الأفئدة، وتتطلع النفوس المسلمة إلى بيت الله الحرام، وهذه البقاع المباركة التي هيأها الله لعباده لتكون عرصاتها محلاً للمناسك، فتراهم يتوافدون إليها من كل فجٍ عميق، يقطعون القارات والأجواء والقفار، ويأتون إليها من بلدان ما وراء البحار {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ } (سورة الحـج:27).






إن الله تعالى شرع الحج لأمور عظيمة، ومن أجل هذه الأمور هو ما نسمعه من تكبير وتلبية، وتعظيم لله عز وجل في تلك المشاعر المقدسة، التي لا يدعى فيها إلا الله، ولا ينادى فيها إلا الله، ولا يرجى إلا الله، تعود الخلائق إلى بارئها، وتلهج الألسنة بذكر خالقها ومبدئها، فيبين ذلك الله جل في علاه في كتابه، وأن ذكره وشكره من أبرز وظائف الحاج، يقول سبحانه: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} (سورة الحـج:27-28)، وذكر الله تعالى يعيشه الحجيج في مواطن الحج المختلفة، فيبدأ إحرامه بالذكر، ويطوف ذاكراً، ويسعى ذاكراً، ويقف في عرفة ذاكراً، ويرمي ذاكراً، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنما جعل الطواف بالكعبة، وبين الصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله عز وجل))[1]، وللتلبية والتكبير في الحج شأن آخر فهما الرفيق الملازم للحاج، وينال الحاج بهما فضلاً كبيراً، وأولَ أعمال الحج تبدأُ بإعلان التوحيد الذي يشملُه الإهلالُ بالتلبية، فمن أجل تحقيق التوحيد لله وحده، والكفر بالطاغوت، شُرع للحاج أن يستهل حجه بالتلبية. جاء في التكبير عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أهل مهل قط إلا بُشر، ولا كبر مكبر قط إلا بشر))، قيل: يا رسول الله بالجنة؟ قال: ((نعم))[2]، وفي التلبية عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من ملب يلبي إلا لبى ما عن يمينه وشماله من حجر، أو شجر، أو مدر حتى تنقطع الأرض من هاهنا وهاهنا))[3].
قال المطلب بن عبد الله : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون أصواتهم بالتلبية حتى تبح أصواتهم.

وقال أيوب: رأيت سعيد بن جبير يوقظ ناساً من أهل اليمن في المسجد ويقول : قوموا لبوا ، فإن زينة الحج التلبية.

ولفظ التلبية هو: ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل ملبياً يقول: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)) لا يزيد على هؤلاء الكلمات"، وزاد مسلم: "وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يهل بإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الكلمات، ويقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك وسعديك، والخير في يديك لبيك، والرغباء إليك والعمل" رواه البخاري (5460)، ومسلم (2031).
وعند ابن ماجه: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في تلبيته: ((لبيك إله الحق لبيك))[4].
ولفظ ابن عمر رضي الله عنهما كما في الصحيحين عند ذكر صيغة التلبية قال: "يهل" ومعناه كما قال الإمام النووي رحمه الله: "قال العلماء: الإهلال رفع الصوت بالتلبية عند الدخول في الإحرام، وأصل الإهلال في اللغة رفع الصوت، ومنه استهل المولود، أي صاح، ومنه قوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ} (سورة البقرة:173) أي رفع الصوت عند ذبحه بغير ذكر الله تعالى، وسمي الهلال هلالاً لرفعهم الصوت عند رؤيته"[5]، فمن هذا نعلم استحباب رفع الصوت بالتلبية، وهذا معنى الحديث الذي رواه ابن ماجه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: ((العج والثج))[6]، و"العج بالعين المهملة رفع الصوت بالتلبية"[7]، وهذا خاص بالرجال، وأما النساء فلا يرفعن أصواتهن بالتلبية خشية الفتنة، قال ابن عبد البر رحمه الله: "وأجمع أهل العلم أن السنة في المرأة أن لا ترفع صوتها، وإنما عليها أن تسمع نفسها،
فخرجت من جملة ظاهر الحديث، وخصت بذلك، وبقي الحديث في الرجال"[8]. ومواطن التكبير والتلبية هي كالتالي:
1- تستحب التلبية حينما يركب المحرم دابته (أو ما ينقله) من عند الميقات، فيلبي بنسكه، فيقول القارن: لبيك عمرة وحجة، ويقول المفرد بالحج: لبيك حجًّا، ويقول المتمتع والمعتمر: لبيك عمرة؛ فعن أنس رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أَهل بهما جميعًا، لبيك عمرة وحجاً، لبيك عمرة وحجاً" رواه البخاري (1467)، ومسلم بلفظه (2194)، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "قدمنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ونحن نقول لبيك اللهم لبيك بالحج" رواه البخاري (1468)، ويمسك عن التلبية إذا دخل حدود الحرم، فعن نافع قال: "كان ابن عمر: إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية، ثم يبيت بذي طوى، ثم يصلي به الصبح ويغتسل، ويحدث أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك" رواه البخاري (1470)، والمتمتِّع يعود للتلبية إذا أحرم بالحج، وكذلك المفرِد والقارن حين التوجُّه للمشاعر وفيها.
2- التكبير عند الحجر الأسود في بداية الطواف في أول كل شوط يستحب أن يقول: الله أكبر؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت وهو على بعير، كلما أتى على الركن أشار إليه بشيء في يده وكبر" رواه البخاري (1525)، وقد زاد ابن عمر رضي الله عنهما مع التكبير البسملة فعن نافع: "أن ابن عمر كان إذا استلم الركن، قال: بسم الله والله أكبر"[9].
3- التكبير إذا رقى على الصفا عند السعي بين الصفا والمروة فإنه يستقبل الكعبة، ويكبر ثلاثاً، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا وقف على الصفا يكبر ثلاثا"[10]، وفي حديث جابر رضي الله عنهما: "حتى رأى البيت فاستقبل القبلة، فوحَّد الله وكبره..." رواه مسلم (2137).
- التلبية والتكبير عند الذهاب من منى إلى عرفة، فعن محمد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك -وهما غاديان من منى إلى عرفة-: كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: "كان يهل منا المهل فلا ينكر عليه، ويكبر منا المكبر فلا ينكر عليه" رواه البخاري (1549) بلفظه، ومسلم (2254). 5- التلبية والتكبير حين الخروج من عرفة إلى مزدلفة، والخروج من مزدلفة إلى منى غداة النحر، حين يرمي الجمرة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن أسامة بن زيد رضي الله عنهما كان ردف النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة إلى المزدلفة، ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منى، قال فكلاهما قالا: "لم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى جمرة العقبة" رواه البخاري (1574).
- التكبير عند المشعر الحرام (المزدلفة)، حتى يسفر الصباح، قال تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ} (سورة البقرة:198)، ويدخل في الذكر التهليل والتكبير والتلبية، يقول جابر رضي الله عنهما: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعا الله وكبره، وهلله ووحده، ولم يزل واقفاً، حتى أسفر جداً" رواه مسلم (2137)، عن عكرمة قال: أفضت مع الحسين بن علي رضي الله عنهما من المزدلفة، فلم أزل أسمعه يلبى حتى رمى جمرة العقبة، فسألته، فقال: أفضت مع أبي من المزدلفة فلم أزل أسمعه يلبي حتى رمى جمرة العقبة، فسألته، فقال: أفضت مع النبي صلى الله عليه وسلم من المزدلفة فلم أزل أسمعه يلبي حتى رمى جمرة العقبة"[11]. 7- التكبير عند رمي الجمرات، فعن جابر رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى الجمرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف" رواه مسلم (2137)، عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة،...، فيقول: هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله" رواه البخاري (1633).
8- ويذكر الله في أيَّام التشريق في مكانه الذي هو حالٌّ فيه، ومن الذكر التكبير؛ لقوله - تعالى -: {وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} (سورة البقرة:203)، وقد بوب الإمام البخاري رحمه الله: (باب التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة)،
ثم علق أثراًَ بصورة الجزم فقال: "وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل السوق، حتى ترج منى تكبيراً، وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات، وعلى فراشه، وفي فسطاطه، ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً" صحيح البخاري (1/329).
- يشرع التكبير للحاج وغير الحاج من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، وهو الثالث عشر من شهر ذي الحجة، قال تعالى: {وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ}، وصفته: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد". روى ذلك ابن أبي شيبة عن ابن مسعود، وصححه الألباني، وقال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: «هو المنقول عن أكثر الصحابة». ويجهر الرجال به في المساجد والأسواق، والبيوت وأدبار الصلوات، إعلاناً بتعظيم الله، وإظهاراً لعبادته وشكره.
ويشرع التكبير المطلق من أول أيام ذي الحجة ، والمقيد أدبار الصلوات من فجر عرفة . فيجتمع التكبير المطلق والمقيد في أصح أقوال العلماء في خمسة أيام هي: يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة .




حدث مهم في حياة الأمة الإسلامية لا بد أن تقف أمامه النفوس مشرئبة، والهمم متطلعة، والأرواح متهيبة، إذ هو حدث يتكرر كل سنة منذ آلاف السنين.
إنه الحج، الركن الخامس من أركان الإسلام التي بُني عليها قال عليه الصلاة والسلام: ((بُنيَ الإسلامُ على خمس..)) وذكر منها:.. ((..وحج البيت))[1].
وهو موسم عظيم، وعبادة جليلة؛ جمعت أصول العبادات وأنواعها؛ ففيه التعبد بالمال لنفقة الحج والصدقة، وفيه التعبد بالطواف، والصلاة عند المقام، والصوم، والتلبية التي هي الاستجابة لله وتنزيهه عن الندّ والشريك، وهو القبلة الأولى للتوحيد والتوجه إلى الله في أرضه قال ابن القيم رحمه الله: "وأما الحج فشأن آخر لا يدركه إلا الحنفاء الذين ضربوا في المحبة بسهم، وشأنه أجلُّ من أن تحيط به العبارة، وهو خاصة هذا الدين الحنيف حتى قيل في قوله تعالى: {حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينََ[2] أي حجَّاجاً، وجعل الله بيته الحرام قياماً للناس، فهو عمود العالم الذي عليه بناؤه، فلو ترك الناس كلهم الحج سنة لخرَّت السماء على الأرض، هكذا قال ترجمان القرآن ابن عباس، فالبيت الحرام قيام العالم، فلا يزال قياماً ما زال هذا البيت محجوجاً، فالحج هو خاصة الحنيفة، ومعونة الصلاة، وسر قول العبد "لا إله إلا الله"، فإنه مؤسس على التوحيد المحض، والمحبة الخالصة، وهو استزارة المحبوب لأحبابه، ودعوتهم إلى بيته، ومحل كرامته"[3].
وفي الحج تأتلف القلوب، وتتحطم الفوارق وتذوب، ويقف فيه الجميع بالمشاعر المقدسة؛ لباسهم واحدٍ، وهدفهم واحد، وشعارهم واحد: "لبيك اللهم لبيك"، إجابة محب لدعوة حبيبه إلى بيته، ولسان حاله ومقاله

أطوف به والنفس بعد مشوقة إليه وهل بعد الطواف تداني
وألثم منه الركن أطلب برد ما بقلبي من شوق ومن هيمان
فوالله ما أزداد إلا صبــابة ولا القلب إلا كثرة الخفقان
والحج كنز وموسم للدعاة إلى الله تعالى للتأسي بما كان صلى الله عليه وسلم يفعله من ترقب المواسم وتجمعات الناس ليعرض عليهم الإسلام، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يدع فرصة تمرُّ به إلا ويسخرها في الدعوة إلى الله تعالى.
وما أحوجنا إلى اقتفاء أثره صلى الله عليه وسلم، وأحوج ما نكون اليوم إلى استغلال هذا الموسم الاستغلال الأمثل، وتعلُّم كيفية استغلال هذا الموسم في تعليم الناس الخير؟ وكيف نوجه للعالم أجمع رسالة نشرح من خلالها ما لدينا من كنوز النبوّة؟ ونقدم الإسلام للناس غضّاً طريّاً, فنمسح عنه ما علق به من غلو الغالين، وانتحال المبطلين؟
إن هذا الحدث (الحج) لجدير أن نوليه اهتمامنا على كافة المستويات، فيقام فيه سوق الدعوة إلى الله من كل صاحب طاقة، ويشتغل كل صاحب قدرة، فهو موسم المؤسسات الخيرية الدعوية، والمشايخ الدعاة وطلبة العلم، وحتى المرأة تستطيع أن تشارك من خلال التجمعات النسائية التي تتوفر في موسم الحج.
والدعوة إلى الله عز وجل ليست باباً واحداً فقط، بل هي أبواب وطرق، ووسائل مختلفة، يشارك فيها الفرد والجماعة وكل من أحب ذلك، فمن الوسائل الناجعة في الدعوة إلى الله تعالى في موسم الحج:
توزيع المواد الدعوية والتي يتم من خلالها الموعظة الحسنة، وتصحيح المفاهيم، وتعليم الجاهل. - المحاضرات والدروس التي يمكن أن تقام في أماكن تجمع الحجيج مثل منى، فالمكان مناسب جداً لذلك، وفي هذا الخير العظيم، حيث يتعرف فيه الحاضرون على المشايخ وطلبة العلم والدعاة إلى الله، ويجاب في هذه المجالس عن الاستفسارات، والتساؤلات التي يحمل الحجيج من بلدانهم سواء ما يتعلق بأحكام الحج، أو ما يتعلق بالاعتقادات، والبدع والمحدثات، إلى غير ذلك، فيحرص على ذلك أشد الحرص أهل حملات الحج، فعليهم مسؤولية كبيرة في هذا الباب.
- النصيحة الخاصة، والدعوة الفردية، وهي ما تتيسر لكثير من الحجاج من أهل العلم، إذ يرى من الآخرين شيئاً من المنكرات، أو يصادف من حاد عن الصواب في عقيدة أو سلوك، أو منهج، يقول صلى الله عليه وسلم: ((...فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم))[4].
- إن مما يمكن أن يفعل في هذه الأيام المباركة هو تفعيل المرأة في الأوساط النسائية بكل ما تستطيع، وما يمكن تقديمه في هذا الباب.
- تقديم المقترحات الدعوية لمنظمي الحج، وحملات الحجيج، والإسداء بكل ما يخدم هذا الجانب، فيبقى الحس الدعوي في نفس المسلم، ويبقى تفكيره الدائم في خدمة هذا الدين، وكيفية إيصال هذا الدين على كل الحجيج؟ كيف نوصله سالماً من الزيادة والنقص؟ كيف ندعو كل من كان في هذا الموسم.
- ولا ننسى أن نذكر بأن هذا المشهد العظيم الذي يراه كل العالم عبر وسائل الإعلام يمكن الاستفادة منه بذكر الفوائد والدروس التي نستفيدها من هذا الحدث العظيم، ويذكر للعالم مكانة هذا الدين، وعلو شأنه، وما جعل الله تعالى له من العظمة في النفوس والقلوب، عل ذلك أن يحرك الفطر السليمة، فيرجع البعيد، ويتوب المقصر، ويهتدي الضال.



الحج من أعظم أركان الإسلام، وفريضة عظيمةٌ بها يُهدمُ ما قبلها من الذنوب لقول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن العاص - رضي الله عنه -: ((أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأنَّ الحج يهدم ما كان قبله))1، ويبشره النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضاً بقوله: ((الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ))2 قَالَ اِبْن خَالَوَيْهِ: الْمَبْرُور الْمَقْبُول، وَقَالَ غَيْره: الَّذِي لَا يُخَالِطهُ شَيْء مِنْ الْإِثْم، وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيّ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: الْأَقْوَال الَّتِي ذُكِرَتْ فِي تَفْسِيره مُتَقَارِبَة الْمَعْنَى، وَهِيَ أَنَّهُ الْحَجّ الَّذِي وُفِّيَتْ أَحْكَامه، وَوَقَعَ مَوْقِعاً لِمَا طُلِبَ مِنْ الْمُكَلَّف عَلَى الْوَجْه الْأَكْمَل، وَاَللَّه أَعْلَم.3 ومما يدل على فضل الحج المبرور أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جعل الحج للنساء جهاداً لما روى البخاري أن السيدة عائشة - رضي الله عنها - قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: ((لا، لكُنَّ أفضل الجهاد حجٌّ مبرور))، وقد سئل - عليه الصلاة والسلام -: أي العمل أفضل؟ فقال: ((إيمان بالله ورسوله)) قيل: ثم ماذا؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله)) قيل: ثم ماذا؟ قال: ((حج مبرور))4، وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "شدوا الرحال في الحج فإنه أحد الجهادين".
وكم تشتاق نفس الحاج عندما يسمع حديثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قال فيه: ((والحجُّ المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))5، فيبدأ يتساءل: كيفَ يحقِّق الحجَّ المبرور؟ قال ابن عمر - رضي الله عنهما - لمجاهد حين قال: ما أكثر الحاج!! قال: "ما أقلَّهم ولكن قل: ما أكثر الركب".
لأن الحج المبرور لايتأتى لكل أحد حج البيت، بل لا بد له من وسائل لتحصيله:

أولها: الإخلاص لله، فمن خرج من بيته متطلِّعاً إلى المدح والثناء، والسمعةِ والمباهاة؛ هبط عمله، وضلَّ سعيُه قال - تعالى - في الحديث القدسي: ((من عمل عملاً أشرك فيه معيَ غيري تركتُه وشركَه))6، ولذا كان - صلى الله عليه وسلم - يحذِّر من ضدِّ ذلك فيدعو مستعيناً بربِّه قائلاً: ((اللهم حجةً لا رياء فيها ولا سمعة))7.
ثانيها: أن يكون الحاج في غايةِ الذلّ بين يدي الله، مطهّراً قلبَه من آفة العجب بالعمل، بل إنَّه يرى عملَه مهما عظُم صغيراً جداً أمام ما أنعم الله عليه من النعم.
ثالثها: تقام شعائرُ الحجِّ في مشاعر عظيمة وأماكن لها قدسيتُها، ومن برِّ الحج احترامُها فضلاً عن الفساد أو مقارفة شيء منها.
رابعها: ومن برِّ الحج الاجتهادُ في موافقته لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما قلَّ أو كثر، وعدم مخالفته لشيء من سنته - عليه الصلاة والسلام -، وقد نُقلت سنته لأمتِه في كلِّ موقف وقول، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((خذُوا عنِّي مناسككم))8، والتساهل في السنن قد يؤدِّي إلى التسَاهل في الواجبات والأركان، وقد تتوالى الأخطاءُ التي قد تفسِد الحجَّ أحياناً، والخيرُ كلُّ الخير في تعلُّم هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم .
خامسها: ومن برِّ الحجّ التسليمُ للشارع، والانقياد لأوامر الله ورسوله، وحسن الاتباع فيما لم يُكشف عن معانيه ولو لم تُعلم الحكمة منه، فها هو الفاروق عمر - رضي الله عنه - يقبِّل الحجرَ الأسود ويقول: "أما والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أنّي رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استلمك ما استلمتك" فاستلمه.
سادسها: إن مال الحجّ المبرور يجبُ أن يكون حلالاً طيباً؛ لأنَّ النفقةَ الحرام من موانع الإجابة، وفي الطبراني مرفوعاً: ((إذا خرج الرجلُ حاجاً بنفقة طيبة، ووضع رجله في الغرز، فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك، زادُك حلال، وراحلتك حلال، وحجُّك مبرور، وإذا خرجَ بالنفقة الخبيثة، ووضع رجله في الغرز فنادى: لبيك، ناداه مناد من السماء: لا لبيك ولا وسعديك، زادُك حرام، ونفقتُك حرام، وحجّك غير مبرور))9. سابعها: وإن أيامُ الحجِّ المبرور تُحيَا بذكر الله، وتُضاء بتلاوةِ آياتِ الله، وتطهَّر بالاستغفار، وبذل المعروف، والدعوة إلى الله - عز وجل - قال - صلى الله عليه وسلم -: ((الغازي في سبيل الله، والحاجُّ والمعتمر؛ وفدُ الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم))10.
ثامنها: إن ملء الأوقاتِ بالطاعات تحصّنُ الحجَّ من الآفات المهلِكة، ولصوصِ الحسنات، وتزيد الحجَّ برّاً، فالأيامُ فاضلة، وتلك البقاع مفضَّلة، وفيها تتضاعف الأجور، وقد كان سلفُنا الصالح إذا تلبَّسوا بهذه العبادة عطَّروا أوقاتَها بذكر وتسبيحٍ، وتهليل وتحميد.
تاسعها: إن سمة الحاجِّ في هذه البقاع العظيمة السكينةُ والطمأنينة، وسلوكُ أدبِ هذه الشعيرة بخفض الصوت، وعدم الإزعاج وأذية المسلمين، والهدوء في العبادة والدعاء.
عاشرها: إن التلبية في الحجِّ المبرور ذكرٌ لا ينقطع، فلها معانٍ لو استقرت في سويداء القلب فإنها تصبغ حياتَك - أيها المسلم -، وتقوِّم مسيرتَك، وتهذِّب سيرتَك، إنها إعلان العبوديةِ والطاعةِ والتذلّل: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك".



حادي عشر: إن الصحبة الطيبة في الحجّ تقوِّيك إذا ضعفت، وتذكّرك إذا نسيتَ، وتدلّك على طريق الخير، وتحذّرك من طريق الشر.
ثاني عشر: من أراد حجاً مبروراً امتثلَ قولَه - صلى الله عليه وسلم – ((من حجَّ لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدتْه أمّه))11، نعم من تطلَّع إلى حجّ مبرور أدَّب جوارحَه فلا تنظر العين نظرة فاحشة، ولا ينطِق اللسان بألفاظ طائشة، ولا تمتدّ اليد بأذى إلى أحد، ولا ينطوي القلبُ على بغضاء أو حسد.










[/align][/cell][/table1]
__________________
Berooo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس