[table1="width:100%;background-image:url('http://i4joqw.bay.livefilestore.com/y1pKgQEEjLprpa3-FXkgJA-UL_V9nNaervfvB2QtHHsT76FHnM-kBxNpaUD71X4kvD4x_uKZecjSUk/ra7.jpg');"][cell="filter:;"][align=center]
مشاركة من : القدس عربية
كان عليه الصلاة والسلام رحيمًا مع أصحابه إذا أخطؤوا في حقه ..
من ذلك ما حدث معه بعد صلح الحديبية ..
فقد كان الصحابة يشعرون بالغُبن والظلم لبنود الصلح المتفق عليها..
وأصابتهم حالة من الغم والهم شديدة ..
ولكنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام كان قد أنفذ الصلح
لأن الله عز وجل أمره بذلك، ولم يكن بيده شيء ..
فوق أن الصلح كانت فيه فوائد جمة للمسلمين لم يلحظها الصحابة
لرؤيتهم للجوانب السلبية فقط ..
وهذا جعلهم في حالة من الاكتئاب الشديد ..
وهم على هذه الحالة خرج لهم رسول الله عليه الصلاة والسلام ..
وطلب منهم أن يحلقوا رؤوسهم وأن ينحروا الهَدْيَ ..
وذلك للتحلل من الإحرام الذي كانوا عليه ..
فحدثت مفاجأة غير متوقعة من هذا الجيل العظيم ..
وهو أنهم أجمعوا - بلا اتفاق - على عدم تنفيذ الأمر ..
مع أنه وجَّه إليهم الأمر ثلاث مرات كاملة !!
لعلها المرة الأولى في تاريخ الصحابة ..
ولعلها المرة الأخيرة أيضًا ..
والحدث فعلاً فريد !
لم يتحرك واحد من الصحابة - من شدة همهم وحزنهم -
للنحر أو الحلق امتثالاً لأمر رسول الله عليه الصلاة والسلام !
ودخل رسول الله على زوجته أم سلمة مهمومًا حزينًا ..
" فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنْ النَّاسِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَتُحِبُّ ذَلِكَ؟
اخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً
حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ
حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ ؛ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا
وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا"
إن اللافت للنظر جدًا في هذا الحدث
أن رسول الله عليه الصلاة والسلام
لم يُعلِّق البتة على الحدث ..
ولم يُشِرْ من قريب أو بعيد إلى تقصير الصحابة في طاعته ..
مع أنه ليس فقط القائد الأعلى .. والزعيم الأوحد ..
بل هو فوق ذلك رسول رب العالمين ..
وطاعته أصل الدين .. ومعصيته هلاك الدنيا والآخرة ..
إنه لم يُعلِّق على خطئهم لأنه يعذرهم ويرحمهم ويقدِّر أَلَمَهُم وهمَّهم وغمَّهم
ثم هو يعلم أن هذا خطأ عابر ..
لم يحدث قبل ذلك .. وغالبًا لن يحدث بعد ذلك ..
ومَرَّتِ الأزمة العاصفة بهدوء عجيب .. وسار القوم إلى المدينة ..
وقد حدثت منهم الطاعة بعد المعصية ..
ثم إن رسول الله عليه الصلاة والسلام
أراد أن يثبت لعمر صدق رؤيته ودقة نظرته ..
وسلامة اتباعه لأوامر رب العزة سبحانه وتعالى ..
فأرسل إليه بمجرد نزول سورة الفتح ..
والتي تشير إلى عظمة هذا الصلح حتى سماه رب العالمين فتحًا مبينًا ..
يقول عمر : "فَنَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام
عَلَى عُمَرَ إِلَى آخِرِهَا فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَفَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ"
وقد أدرك عمر رضي الله عنه ما فعله من خطأ
مع رسول الله عليه الصلاة والسلام ..
وأراد أن يكفِّر عن ذلك بكل طاقته ..
يقول عمررضي الله عنه : "فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالًا"
ويقول أيضًا: "ما زلت أصوم وأتصدق وأصلي
وأعتق من الذي صنعت يومئذٍ مخافة
كلامي الذي تكلمت به حتى رجوت أن يكون خيرًا"
لقد كان موقفًا رائعًا حقًا!!
لقد بدت لنا في هذا الموقف رحمة رسول الله
بصورة مبهرة، فهو لا ينظر أبدًا إلى الأذى الذي وقع عليه ..
إنما جُلُّ اهتمامه وتفكيره لا يكون إلا لشعبه وأمته ..
وذلك في كل حياته ..
[/align][/cell][/table1]