25 / 10 / 2012, 30 : 02 AM
|
#2
|
نجوم في سمآء منتدآنآ © ~
تاريخ التسجيل: 09 / 08 / 2011
الدولة: بغداد الجريحه
المشاركات: 7,841
معدل تقييم المستوى: 21474844
|
[table1="width:100%;background-image:url('http://im16.gulfup.com/jFVD1.jpg');"][cell="filter:;"][align=center]
http://im16.gulfup.com/YQMA7.png
لقد ثبتت فرضية الحج في الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة. - أما الكتاب ففي قوله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (سورة آل عمران:97).
- وأما السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم: ((بني الإسلام على خمس: على أن يعبد الله ويكفر بما دونه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان)) رواه البخاري برقم (8)، ومسلم برقم (122)، واللفظ له.
- وأما الإجماع: فلأن الأمة أجمعت على فرضية الحج[1].
لهذا يجب على كل مسلم ومسلمة توفرت فيه الشروط الشرعية المعروفة أن يتعجل لأداء هذه الفريضة والركن العظيم؛ حيث لا يدري ما قد يعرض له من أمور تعيقه عن أدائه.
زد على هذا أنه قد جاء في بعض الأحاديث النبوية الصحيحة الأمر بالتعجل إلى الحج كما جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا))، فقال رجل: أكلَّ عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثاً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لو قلت: نعم لوجبت، ولما استطعتم)) رواه مسلم برقم (1337).
وجاء عن سعيد بن جبير رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تعجلوا إلى الحج (يعنى الفريضة) فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له)) رواه أحمد برقم (1834)، وحسنه شعيب الأرناؤوط بنفس الرقم.
من أجل هذا تكلم العلماء عن مسألة: هل الحج يجب على الفور أم التراخي؟
وللعلماء في ذلك اتجاهان:
- قال أبو حنيفة وأبو يوسف والمالكية في أرجح القولين والحنابلة: يجب الحج بعد توافر الاستطاعة، وبقية الشروط الآتية على الفور في العام الأول، أي في أول أوقات الإمكان.
- وقال الشافعية ومحمد من الحنفية: وجوب الحج على التراخي، وليس معناه تعين التأخير، بل بمعنى عدم لزوم الفور، ويُسَنُّ لمن وجب عليه الحج أو العمرة بنفسه أو بغيره ألا يؤخر ذلك عن سَنَةِ الإمكان، مبادرة إلى براءة ذمته، ومسارعة إلى الطاعات لقوله تعالى: {فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ} (البقرة:148)؛ ولأنه إذا أخره عرّضه للفوات، ولحوادث الزمان"[2].
ورجح ابن تيمية رحمه الله فوريته فقال: "والحج واجب على الفور عند أكثر العلماء"[3].
وقد وجه سؤال برقم (41881) لموقع "الإسلام سؤال وجواب"[4]: هل يؤجل الحج من أجل الاختبارات؟
يقول صاحبه: من المعلوم أن اختبارات بعض الجامعات بعد الحج مباشرة، فهل يجوز تأجيل الحج إلى العام القادم من أجل الاختبارات؟
فكان الجواب:
"الحمد لله.
القول الراجح من أقوال أهل العلم: أن الحج واجب على الفور، وأنه لا يجوز للإنسان أن يؤخره إلا بعذر شرعي، لأن الإنسان لا يدري ما يعرض له، فقد يؤخر الحج هذه السنة ثم يموت، ويبقى الحج ديناً في ذمته، ولكن إذا كان حجه يؤثر عليه في الامتحان فله أن يؤخره إلى السنة القادمة، ولكني أشير عليه أن يأخذ دروسه معه ويحج، هذا إن كان يسافر إلى الحج مبكراً، ويمكنه أن يؤخر سفره إلى الحج، ثم يتعجل في أيام الرمي، وبهذا لا يستغرق الحج إلا أياماً يسيرة لا تضره إن شاء الله.
فالإنسان الحريص يمكنه أن يحج ولا يؤثر ذلك عليه شيئاً، كما أن الإنسان إذا اعتمد على الله، وتوكل عليه، وأتى بالحج واثقاً بالله عز وجل؛ فإن الله سييسر له الأمر" انتهى "فتاوى ابن عثيمين" (21/63) بتصرف"[5].
تعبد الله تعالى عباده بالأحكام الشرعية من أوامر ونواهي، ثم رخص في بعضها رخصاً لهم رحمة بهم، ولم يترك خيراً إلا دل عليه، ولا شراً إلا حذر منه، رأفة منه بعباده.
ومن تلك الأحكام التي تعبدنا الله بها ما يعرض للإنسان في حال حضره وسفره من مسائل يحتاج المسلم إلى تعلمها ومعرفة ما فيها من الرخص والعزائم، إذ كثيراً ما تعرِضُ للمسلم مسائل يحار فيها أثناء سفره، فإن لم يكن لديه من العلم ما يكفيه ليتحرى الصواب والحق؛ فإنه يخطئ ويجانب الصواب، لذا فهو مطالب بتعلمها، وسؤال أهل العلم عنها، وبذل الوسع في معرفة الحق والصواب، والسؤال عما يشكل عليه، وألا يستهين بعباداته وأمور معاده.
ومن تلك المسائل التي يكثر السؤال عنها:
قصر الصلاة للمسافر:
وهو ثابت بالكتاب والسنة والإجماع:
- أما دليله من الكتاب فقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا}(سورة النساء:101).
- ومن السنة حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين في الحضر والسفر, فأُقرَّت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر)) رواه البخاري برقم (350)، وفي لفظ للبخاري: ((فُرضت الصلاة ركعتين, ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم ففرضت أربعاً، وتُركت صلاة السفر على الأولى)) رواه البخاري برقم (3935).
- قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: "أجمع أهل العلم على أن من سافر سفراً تقصر في مثله الصلاة في حج أو عمرة أو جهاد أن له أن يقصر الرباعية فيصليها ركعتين" المغني (2/ 87).
والقصر في السفر أفضل من الإتمام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يحب أن تؤتَى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته))[1], وفي رواية: (( إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه))[2]، ومن أتم صلاته بدون قصر فلا شيء عليه؛ غير أنه خالف الأفضل.
- والمسافة التي تُقصَرُ فيها الصلاة كما ذكر الجمهور من أهل العلم أربعة بُرُد, والبريد مسيرة نصف يوم وهو أربعة فراسخ, والفرسخ ثلاثة أميال, فإذا كانت مسافة سفر الإنسان ستة عشر فرسخاً، أو ثمانية وأربعين ميلاً؛ فله أن يقصر عند الجمهور.
والميل المعروف ألف وستمائة متر, فتكون الأربعة برد 76.8 كيلو تقريباً, وقيل :80.64 كيلومتر, وقيل: 72, قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: والميل المعروف كيلو وستين في المائة[3].
الجمع بين الصلاتين في السفر:
اختلف العلماء في مسألة جمع الصلاة في السفر إلى خمسة أقوال:
- القول الأول: وهم القائلون بجواز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء بعذر السفر جمع تقديم في وقت الأولى منهما، وجمع تأخير في وقت الثانية منهما، وبه قال المالكية والشافعية وأحمد في المشهور عنه، وهو قول الجمهور.
- القول الثاني: قالوا بأنه لا يجوز الجمع مطلقاً إلا بعرفة ومزدلفة، قال بهذا القول أبي حنيفة والحسن والنخعي وصاحبيه، وأجابوا بأن الجمع الذي ورد في الأخبار أنما هو جمعٌ صوري حيث أخر المغرب إلى آخر وقتها، وصلى العشاء في أول وقتها.
- القول الثالث: أن الجمع بين الصلاتين في السفر يختص بمن جدَّ به السير، وبه قال الليث وهو المشهور عن مالك.
- القول الرابع: أن الجمع بين الصلاتين في السفر خاص بأهل الأعذار، وبه قال عمر بن عبد العزيز، والحسن، والأوزاعي.
- القول الخامس: أن الجمع بين الصلاتين في السفر يجوز في جمع التأخير دون جمع التقديم، وهو مروي عن الإمام مالك، ورواية عن أحمد، واختاره الإمام ابن حزم الظاهري.
الجمع بين الصلاتين قبل السفر:
س: إذا أردت السفر بالطائرة، وكان وقت الإقلاع قبل دخول وقت صلاة العصر، وكانت الطائرة ستهبط في مطار آخر، ووقت إقلاع الرحلة الثانية بعد الوصول مباشرة، فهل يجوز أن أجمع وأقصر صلاة العصر مع صلاة الظهر في مدينتي؟ وما الحكم إذا فعلت ذلك؟ وما هو العمل الصحيح؟
ج: الحمد لله، يجوز للمقيم أن يجمع بين الصلاتين إن كان هناك حرج من أداء الصلاة الثانية في وقتها، والجمع أوسع من القصر، فلا قصر إلا لمسافر، والجمع يجوز للمسافر والمقيم؛ حيث يوجد الحرج من أداء الصلاة الثانية سواء في وقتها أو في جماعة.
وعليه فيجوز لك أن تقدِّم العصر فتصليها مع الظهر في مدينتك إن غلب على ظنك أنك لن تقدر على أدائها في وقتها بسبب سفرك، وإذا كان المطار خارج قريتك أو مدينتك فإنك تقصر الصلاة كذلك، وإن كنت من سكان المطار فتتم من غير قصر؛ قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: مسألة: إذا كان في القصيم إذا خرج الإنسان إلى المطار هل يقصر في المطار؟
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: مسألة: إذا كان في القصيم إذا خرج الإنسان إلى المطار هل يقصر في المطار؟ الجواب : نعم يقصر؛ لأنه فارق عامر قريته، فجميع القرى التي حول المطار منفصلة عنه، أما من كان من سكان المطار فإنه لا يقصر في المطار؛ لأنه لم يفارق عامر قريته"[4].
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: ((صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعاً بالمدينة في غير خوف ولا سفر))، قال أبو الزبير: فسألت سعيداً (أي: ابن جبير): لم فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عباس كما سألتني فقال: أراد أن لا يحرج أحداً من أمَّته" رواه مسلم برقم (705)؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والقصر سببه السفر خاصة لا يجوز في غير السفر، وأما الجمع فسببه الحاجة والعذر، فإذا احتاج إليه جمع في السفر القصير والطويل، وكذلك الجمع للمطر ونحوه وللمرض ونحوه، ولغير ذلك من الأسباب؛ فإن المقصود به رفع الحرج عن الأمة[5]"[6].
الصلاة في السيارة والطائرة:
س: أنا امرأة أسكن في إحدى المدن، وأذهب مع زوجي إلى مدينة أخرى لعمل ما، أو بغرض أن نتمشى أو نتسوق، وتدركنا صلاة المغرب أو العشاء فنذهب للبحث عن مسجد فيه مصلى نساء، أحياناً لا نجد، فيصلي زوجي في المسجد، وأنا لا أجد مكاناً أصلي فيه، والله يعلم أننا نبحث وبشكل جدي ولكن للأسف كما قلت أحياناً لا نوفق، فأضطر أن أصلي في السيارة وأنا جالسة.
السؤال: هل تصح صلاتي بهذه الطريقة علماً أنني فعلت هكذا أكثر من مرة. أفيدوني؟
الحمد لله، عملك هذا أيتها الأخت غير صحيح، لأن القيام مع القدرة ركن من أركان الصلاة، فيمكنك أن تصلي في المسجد (قسم الرجال) بعد خروج الرجال منه، فإن لم تجدي مسجداً فإنك تصلين على الأرض في أي مكان، والصلاة في السيارة أو الطائرة، أو القطار أو غيرها من المراكب؛ إذا كان المصلي لا يستطيع استقبال القبلة، والصلاة قائماً؛ لا تجوز في الفريضة إلا بشرطين:
1- أن يخشى خروج وقت الفريضة قبل وصوله، أما إن كان سينزل قبل خروج الوقت فإنه ينتظر حتى ينزل ثم يصلي.
2- ألا يستطيع النزول للصلاة على الأرض، فإن استطاع النزول وجب عليه ذلك.
فإذا وجد الشرطان جاز له الصلاة في هذه المراكب، والدليل على جواز الصلاة على هذه الحال عموم قوله تعالى:
{لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} (سورة البقرة:286)، وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (سورة التغابن:16)، وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (سورة الحـج:78). فإن قيل: إذا جاز لي الصلاة على هذه المراكب فهل أستقبل القبلة، وهل أصلي جالساً مع القدرة على الصلاة قائماً؟
فالجواب: إن استطعت أن تستقبل القبلة في جميع الصلاة وجب فعل ذلك؛ لأنه شرط في صحة صلاة الفريضة في السفر والحضر ، وإن كان لا يستطيع استقبال القبلة في جميع الصلاة فليتق الله ما استطاع؛ لما سبق من الأدلة.
وأما صلاة الفريضة جالساً مع القدرة على القيام فإنها لا تجوز لعموم قوله تعالى: {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} (سورة البقرة:238)، وحديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) رواه البخاري برقم (1117)، وبالله التوفيق .. فتاوى اللجنة الدائمة 8/126"[7].
الصوم في السفر:
أيهما أفضل: الفطر في السفر أم الصوم؟
"س: من سافر في رمضان وهو صائم فهل الأفضل له الفطر أم متابعة الصيام؟
الحمد لله: ذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ, وَجَمَاهِيرُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إلَى أَنَّ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ جَائِزٌ صَحِيحٌ مُنْعَقِدٌ, وَإِذَا صَامَ وَقَعَ صِيَامُهُ وَأَجْزَأَهُ (أنظر الموسوعة الفقهية ج28 ص73).
وأما الأفضلية فعلى التفصيل التالي:
الحال الأولى: إذا كان الصوم والفطر سواء، بمعنى أن الصوم لا يؤثر عليه، ففي هذه الحالة يكون الصوم أفضل للأدلة التالية:
أ/ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ" رواه البخاري برقم (1945) ومسلم برقم (1122).
ب/ أنه أسرع في إبراء الذمة؛ لأن القضاء يتأخر، والأداء وهو صيام رمضان يقدم.
ج/ أنه أسهل على المكلف غالباً؛ لأن الصوم والفطر مع الناس أسهل من أن يستأنف الصوم.
د/ أنه يدرك الزمن الفاضل وهو رمضان، فإن رمضان أفضل من غيره لأنه محل الوجوب، فلهذه الأدلة يترجح ما ذهب إليه الشافعي رحمه الله من أن الصوم أفضل في حق من يكون الصوم والفطر عنده سواء.
الحال الثانية: أن يكون الفطر أرفق به، فهنا نقول: إن الفطر أفضل، وإذا شق عليه بعض الشيء صار الصوم في حقه مكروهاً؛ لأن ارتكاب المشقة مع وجود الرخصة يشعر بالعدول عن رخصة الله عز وجل.
الحال الثالثة: أن يشق عليه مشقة شديدة غير محتملة؛ فهنا يكون الصوم في حقه حراماً، والدليل على ذلك ما رواه مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ، إِلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ؟ فَقَالَ: أُولَئِكَ الْعُصَاةُ، أُولَئِكَ الْعُصَاةُ"، وفي رواية: "فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمْ الصِّيَامُ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ، فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ" رواه مسلم برقم (1114)، فوصف من صام مع المشقة الشديدة بالعصاة. (أنظر الشرح الممتع للشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله ج6 ص355).
"قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْكَمَالُ بْنُ الْهُمَامِ: إنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْفِطْرِ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ يَتَضَرَّرُ بِالصَّوْمِ, وَفِي بَعْضِهَا التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ, وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ, وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِ بَعْضِهَا, أَوْ ادِّعَاءِ النَّسْخِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ قَاطِعٍ، وَاَلَّذِينَ سَوَّوْا بَيْنَ الصَّوْمِ وَبَيْنَ الْفِطْرِ اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها: ((أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ رضي الله تعالى عنه قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ، فَقَالَ: إنْ شِئْت فَصُمْ, وَإِنْ شِئْت فَأَفْطِرْ)) متفق عليه. (الموسوعة الفقهية ج28 ص73)"[8].
http://im16.gulfup.com/Un3L9.png
أولاً: الآداب العامة
أ/ قبل الانطلاقة:
- المشاورة: فيستحب أن يشاور العبد من يثق بدينه وخبرته وعلمه فيما يتعلق باختيار الطريق، والحملة الموثوقة، والوقت، وحجه لذلك العام عملاً بقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} (سورة آل عمران:159).
- الاستخارة: فينبغي إذا عزم على الحج أو غيره أن يستخير الله تعالى، ويأتي بدعاء الاستخارة إن تردد، فعن جابر رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها ، كالسورة من القرآن : ( إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين ، ثم يقول : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : في عاجل أمري وآجله - فاقدره لي ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : في عاجل أمري وآجله - فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم رضني به ، ويسمي حاجته ) رواه البخاري
- التوبة ورد المظالم والديون إذا استقر عزمه على السفر، ويطلب المسامحة ممن كان يعامله أو يصاحبه، ويكتب وصيته، ويُشهد عليها، ويوكل من يقضي عنه ديونه إذا لم يتمكن من وفائها، ويترك لأهله ما يحتاجونه من نفقة، فالسفر موطن هلكة، ومظنة تلف.
- إرضاء الوالدين ومن يتوجب عليك بره وطاعته، فأنت لا تدري ما قُدِّر لك. عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: "جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه في الجهاد، فقال: أحي والداك؟ قال: نعم! قال: ففيهما فجاهد" رواه البخاري ومسلم . قال الإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله: "ويحرم السفر بغير إذنهما، لأن الجهاد إذا منع مع فضله فالسفر المباح أولى".
- الاستكثار من الزاد الطيب والنفقة ليواسي المرء منه المحتاجين قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} (البقرة: 267)، والمراد بالطيب هنا: الجيد، والخبيث: الرديء, ويكون طيب النفس بما ينفقه؛ ليكون أقرب إلى قبوله.
- اختيار الرفيق المؤاتي الموافق، الراغب في الخير، الكاره للشر، الذي يذكرك بالله إذا نسيت ، ويعينك إذا ذكرت ، ويرفق بك
في سيرك ، وما سمي السفر سفراً إلا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال ومعادنهم وطباعهم. وألا يسافر المرء وحده. ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( الراكب شيطان ، والراكبان شيطانان ، والثلاثة ركب ). رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه الألباني. - توديع الأهل والإخوان والجيران والأحباب، بأن يقول كل واحد لصاحبه: "أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك" رواه أبو داود برقم (2602) وصححه الألباني. والتماس الوصية والدعاء من أهل الصلاح والفضل، عن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أريد سفراً فزودني، قال: ((زودك الله التقوى))، قال: زدني، قال: ((وغفر ذنبك)) قال: زدني بأبي أنت وأمي، قال: ((ويسر لك الخير حيثما كنت)) . رواه الترمذي ، وقال الألباني في صحيح الترمذي "حسن صحيح"
ب/ بعد الانطلاقة:
- مرافقة الجماعة في السفر لحديث ((لَوْ يعلم النَّاسَ ما في الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ رَاكْبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ)) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ برقم (2836).
- اختيار أمير للجماعة التي يرافقها في سفره لقَوله صلى الله عليه وسلم: ((إذَا خَرَجَ ثَلاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ)) (رواه أبو داود برقم (2610)، وصححه الألباني، ويفضل أن يكون الأجود رأياً؛ ليكون أجمع لشملهم, وأدعى لاتفاقهم, وأقوى لتحصيل غرضهم.
- استحباب السفر يوم الخميس يقول كعب رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يخرج يوم الخميس" رواه البخاري برقم (2790).
- التبكير أول النهار لحديث صخر الغامدي وابن عمر وجمع من الصحابة رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( اللهم بارك لأمتي في بكورها وكان إذا بعث سرية أو جيشا ، بعثهم أول النهار . وكان صخر رجلا تاجرا . وكان إذا بعث تجارة بعثهم أول النهار ، فأثرى وكثر ماله " رواه ابن ماجه والترمذي وأبو داود وصححه الألباني
- لا تنس الأدعية المأثورة في سفرك:
فعند الخروج من البيت: ((اللهم إني أعوذ بك من أن أَضِلَّ أو أُضَلَّ، أو أَزِلَّ أو أُزَلَّ، أو أَظلِمَ أو أُظلَمَ، أو أَجْهَلَ أو يُجهَلَ عليَّ)) رواه أبو داود (5096)، وصححه الألباني.
وعند الركوب ((بسم الله)))
وإذا استوى على دابته قال: ((الحمد لله، سبحان الذي سخَّر لنا هذا، وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون)) رواه مسلم برقم (1342).
وحال الخروج من بلده ((اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما تحب وترضى، اللهم هوَّن علينا سفرنا واطو عنَّا بُعْده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل والمال،. اللهم إنا نعوذ بك من وَعْثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال والولد)) رواه مسلم برقم (1342).
وإذا أشرف على قرية أو نزل فيها ((اللهم رب السموات وما أظللن، ورب الأرضين وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، أسألك خير هذه القرية وخير أهلها، وأعوذ بك من شرها وشر أهلها، وشر ما فيها)) رواه الطبراني برقم (18337).
ويستحب له أن يقول في السحر إذا بدا له الفجر: ((سمع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا، ربنا صاحبنا، وأفضل علينا عائذاً بالله من النار)) رواه مسلم برقم (2718).
وحين نزول منزل رواه مسلم برقم (2708) ...إلخ.
- نزول المنزل مجتمعين، ويُكره تفرقهم في الشعاب لِأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك. فقد روى أبو ثعلبة الخشني قال: كان الناس إذا نزلوا منزلاً تفرقوا في الشعاب والأودية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان ))، "فلم ينزل بعد ذلك منزلاً إلا انضم بعضهم إلى بعض حتى يقال لو بسط عيهم ثوب لعمهم " (رواه أبو داود، وصححه الألباني)
- التباعد عن الطريق إذا نزل للنوم والراحة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض، وإذا سافرتم في السنَة فبادروا بها نقيها، وإذا عرستم المعرس: الذي يسير نهاره ويعرس أي ينزل أول الليل، وقيل: التعريس النزول في آخر الليل فاجتنبوا الطريق، فإنها طرق الدواب ومأوى الهوام بالليل )) رواه مسلم . قال النووي في شرح مسلم ( وهذا أدب من آداب السير والنزول أرشد إليه صلى الله عليه وسلم ، لأن الحشرات ودواب الأرض من ذوات السموم والسباع تمشي في الليل على الطرق لسهولتها، ولأنها تلتقط منها ما يسقط من مأكول ونحوه، وتجد فيها من رمة ونحوها، فإذا عرس الإنسان في الطريق ربما مر منها ما يؤذيه، فينبغي أن يتباعد عن الطريق ) - يغتنم السفر في الليل فقد ثبت في حديث أنس أن الأرض تطوى بالليل (رواه أبو داود برقم 2573، وصححه الألباني).
- التكبير عند العلو، والتسبيح عند الهبوط في واد ونحوه، بدون رفع الصوت كما روى ذلك جابر بن عبد الله.
- كثرة الدعاء في السفر؛ فقد ثبت أن للمسافر دعوة مستجابة.
- ينبغي المحافظة على الطهارة والصلاة في أوقاتها واتخاذ الأسباب المعينة عليها, وقد يسر الله ذلك بما جوزه من التيمم، والجمع، والقصر. عن نافع بن جبير عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في سفر له ((من يكلؤنا الليلة لا نرقد عن صلاة الصبح)) قال بلال أنا ... الحديث ) رواه النسائي وسنده صحيح. وعن أبي قتادة النصاري رضي الله عنه قال : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر ، فعرس بليل ، اضطجع على يمينه . وإذا عرس قبيل الصبح ، نصب ذراعه ، ووضع رأسه على كفه ) رواه مسلم
ثانياً: ما يخص قاصد البيت (الحاج والمعتمر)
أ/ الآداب الواجبة:
- يجب على الحاج أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله عز وجل والدار الآخرة، والتقرب إلى الله بما يرضيه من الأقوال والأعمال في تلك المواضع الشريفة، ويحذر كل الحذر من الرياء والسمعة لقوله سبحانه: {{وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (سورة البينة:5).
- على الحاج والمعتمر أن ينتخب النفقة الحلال الخالصة من الشبهة، فقد ذهب الجمهور إلى أنَّ من حجَّ بمالٍ فيه شبهة، أو بمال مغصوب؛ صح حجه، لكنه ليس حجاً مبروراً، وقال أحمد: لا يجزيه الحج بمال حرام.
- أن يتعلم القاصد كيفية الحج وما يحتاجه في طريقه لأداء المناسك يقول صلى الله عليه وسلم: ((من يرد الله به خيراً يفقه في الدين)) رواه البخاري برقم (71)، ومسلم برقم (1037)، ويستحب أن يستصحب معه كتاباً في مناسك الحج يستعين به في تأديته المشاعر وفق روح الشريعة، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
- عليه أن يبتعد عن جميع المعاصي، ويصون لسانه عن السباب والغيبة والنميمة لقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ} (سورة البقرة: 197)، ولا شك أن حجه يبدأ من حين عقد نيته إلى الحج، وانطلق براحلته.
ب/ الآداب المستحبة:
- التفرغ للعبادة، لكن إن اتجر مع ذلك صح حجه لقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} (سورة البقرة:198).
- ينبغي أن يصحب في سفره رفيقاً عالماً مستفيداً، يبصره دينه، ويفقهه مناسك الحج، ويمنعه بعلمه وعمله من سوء ما يطرأ على المسافر من مساوئ الأخلاق والضجر، ويعينه على مكارم الأخلاق، ويحثُّه عليها.
- اختيار وسيلة المواصلات المريحة في الحج، وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج راكباً، وكانت راحلته زاملته، والزاملة: البعير الذي يُحمل عليه الطعام والمتاع.
ثالثاً: آداب رجوع الحاج من سفره:
- أن يتعجل في العودة، ولا يطيل المكث لغير حاجة; لقوله صلى الله عليه وسلم: ((السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه، فإذا قضى أحدكم نهمته فليعجل إلى أهله)) رواه البخاري برقم (1710)، ومسلم برقم (1927). قال ابن حجر رحمه الله في الفتح : " في الحديث كراهة التغرب عن الأهل لغير حاجة، واستحباب استعجال الرجوع، ولاسيما من يخشى عليهم الضيعة بالغيبة، ولما في الإقامة في الأهل من الراحة المعينة على صلاح الدين والدنيا، ولما في الإقامة من تحصيل الجماعات والقوة على العبادة " .
- يستحب أن يقول أثناء رجوعه من سفره ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على شرف من الأرض ثلاث تكبيرات، ثم يقول: ((لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون، عابدون ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده)) رواه البخاري برقم (1703).
- لا يطرق أهله في الليل بل يدخل البلدة غدوة، أو آخر النهار؛ ففي الحديث عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلا )) رواه البخاري ، وعنه رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة . فلما قدمنا المدينة ذهبنا لندخل . فقال (( أمهلوا حتى ندخل ليلاً )) أي عشاء ، كي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة ) رواه البخاري ومسلم ، وعنه أيضاً قال : (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلاً . يتخونهم أو يلتمس عثراتهم ) رواه مسلم . وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يطرق أهله، كان لا يدخل إلا غدوة أو عشية" رواه البخاري ومسلم قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (ومعنى هذه الروايات كلها أنه يكره لمن طال سفره أن يقدم على امرأته ليلاً بغتة، فأما من كان سفره قريباً تتوقع امرأته إتيانه ليلاً فلا بأس كما قال في إحدى هذه الروايات: ((إذا أطال الرجل الغيبة)) .
- أن يبتدئ بالمسجد فيصلي فيه ركعتين لفعل النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر ، فعن كعب بن مالك رضي الله عنه : " أن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقدم من سفر إلا نهارا ، في الضحى . فإذا قدم ، بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين . ثم جلس فيه " رواه مسلم
- يستحب أن يقول إذا دخل بيته ما كان يقوله النبي صلى الله عليه وسلم: ((توباً توباً، لربنا أوباً، لا يغادر حوباً)) رواه أحمد برقم (2311) وحسنه الأرناؤوط، و"توباً": أي نسألك توبة كاملة، و"لا يغادر حوباً" أي لا يترك إثماً.
- إذا قدم المسافر إلى بلده استحبت المعانقة؛ لما ثبت عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أنس رضي الله عنه أنهم كانوا إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا. رواه الطبراني برقم (97) وحسنه الألباني.
- يستحب جمع الأصحاب وإطعامهم عند القدوم من السفر; لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
- تستحبّ الهدية؛ لما فيها من تطييب القلوب، وإزالة الشحناء قال صلى الله عليه وسلم: ((تهادوا تحابّوا)) رواه البخاري في الأدب المفرد برقم (594)، وحسنه الألباني، وقد ذُكِرَ أن أحد الحجاج عاد إلى أهله فلم يقدِّم لهم شيئًا؛ فغضب واحد منهم وأنشد شعراً:
كأن الحجيج الآن لم يقربوا منى ولم يحمـلوا منها سواكًا ولا نعلاً أتونا فما جادوا بعود أراكــة ولا وضعوا في كف طفل لنا نقلاً1 ومن أجمل الهدايا ماء زمزم لأنها مباركة قال صلى الله عليه وسلم: ((إنها مباركة، إنها طعام طعم)) رواه مسلم برقم (2473).
ولابن عثيمين رحمه الله كلام نفيس في آداب سفر الحج يجدر الإشارة إليه في ختام هذه الآداب حيث يقول رحمه الله:
"آداب سفر الحج تنقسم إلى قسمين:
آداب واجبة، وآداب مستحبة.
فأما الآداب الواجبة: فهي أن يقوم الإنسان بواجبات الحج وأركانه، وأن يتجنب محظورات الإحرام الخاصة، والمحظورات العامة، الممنوعة في الإحرام، وفي غير الإحرام؛ لقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (سورة البقرة :197).
وأما الآداب المستحبة في سفر الحج: أن يقوم الإنسان بكل ما ينبغي له أن يقوم به من الكرم بالنفس والمال والجاه، وخدمة إخوانه، وتحمل أذاهم، والكف عن مساوئهم، والإحسان إليهم سواء كان ذلك بعد تلبسه الإحرام، أو قبل تلبسه بالإحرام؛ لأن هذه الآداب عالية فاضلة، تطلب من كل مؤمن في كل زمان ومكان، وكذلك الآداب المستحبة في نفس فعل العبادة كأن يأتي الإنسان بالحج على الوجه الأكمل، فيحرص على تكميله بالآداب القولية والفعلية" 2
أيها الحاج: هذه بعض الآداب موجزة مختصرة، اخترنا منها ما يناسب المقام، وانتقيناها من كتب أهل العلم بتصرف يسير لا ندعي استيفاءها، فلتصحبك في سفرك إلى الحج، ولا تتوانَ في الإتيان بها، والله يرعاك.
http://im16.gulfup.com/0bp710.png
أمر الله عباده بالذكر والدعاء، ووعدهم بالمزيد والعطاء فقال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } سورة غافر (60)، وقال سبحانه: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} سورة البقرة (152).
وقد دلَّت النصوص القرآنية والأحاديث النبوية على فضل الدعاء والذكر لما فيه من رفع البلاء قبل نزوله، ورفعه بعد نزوله.
فالدعاء سبب من أسباب انشراح الصدر، وذهاب الهم والغم، وتفريج الكرب
وإني لأدعـو اللهَ والأمـرُ ضيقٌ عليَّ فما ينفك أن يتفرّجــا
وربَّ فتىً ضاقتْ عليه وجوهُـهُ أصاب له في دعوة الله مَخْرَجا
ولما كان الحج إلى بيت الله الحرام سفراً، وكان السفر من مواطن إجابة الدعاء، والمسافر مستجاب الدعوة كما جاء عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم))[1]، لأجل ذلك شرع لنا الشارع الحنيف جملة من الأذكار والأدعية حال السفر ومن جملتها:
- ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي به من عزم على السفر من أصحابه بقوله: ((من أراد سفراً فليقل لمن يخلِّف: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه))[2].
- وكان النبي صلى الله عليه وسلم يودِّع أصحابه إذا أراد أحدهم سفراً فيقول: ((أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك))[3], وعن أنس رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أريد سفراً
فزودني، قال: ((زودك الله التقوى)) قال: زدني، قال: ((وغفر ذنبك)) قال: زدني بأبي أنت وأمي، قال: ((ويسر لك الخير حيثما كنت[4]. - واستُحِبَّ للمسافر أن يدعو بدعاء الخروج من المنزل عند خروجه: ((بسم الله، توكلت على الله, ولا حول ولا قوة إلا باللهه[5]، اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل, أو أزل أو أزل, أو أظلم أو أظلم, أو أجهل أو يجهل عليَّ[6].
- وإذا استوى المسافر على دابته أو راحلته أو سياراته أو على الطائرة فيسن له أن يدعو بدعاء السفر فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر كبَّر ثلاثاً، ثم قال: ((سبحان الذي سخر لنا هذا، وما كنا له مقرنين، وإنَّا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا، واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل)) وإذا رجع قالهن وزاد فيهن: ((آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون)) رواه مسلم (3339).
- ومن الأدعية المأثورة والأذكار الواردة للمسافر أن يكبر الله تعالى على المرتفعات، ويسبِّحه في الهبوط والمنخفضات عملاً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم فقد روى الإمام البخاري في صحيحه وأحمد في مسنده من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ((كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم فإذا صعدنا كبَّرنا، وإذا هبطنا سبَّحناا[
- ويندب للمسافر إذا رأى قرية وأراد دخولها أن يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم كما ورد عن صهيب رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه و سلم لم ير قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها: ((اللهم رب السموات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين السبع وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، أسألك خير هذه القرية، وخير أهلها، وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها، وشر أهلها، وشر ما فيها))[8].
- ويستحب للمسافر إذا نزل منزلاً أن يدعو بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: ((أعوذ بكلمات الله ا لتامات من شر ما خلق، فإنه إذا قال ذلك لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلكك[9].
- ومما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر وأسحر أنه يقول: ((سمع سامع بحمد الله ونعمته وحسن بلائه علينا، اللهم صاحبنا فأفضل علينا، عائذاً بالله من النار)) صحيح مسلم (7075).
من أهم ما يميز الإسلام أنه دين قائم على اليسر والسهولة، ويتضح ذلك جلياً في تعاليمه وأحكامه وشرائعه، كما تدل عليه نصوص الكتاب والسنة؛ ومن هذه النصوص قوله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (سورة البقرة:185)، وقوله: {يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} (سورة النساء:28)، و {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (سورة الحج:78)، وجاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه)) رواه البخاري (38)، وغير ذلك من الأحاديث المؤكدة على هذه المسألة.
ومن اليسر الذي تميز به الإسلام وشريعته الغراء رفع المشقة على معتنقيه؛ حيث أسقط عنهم بعض التكاليف، وخفف عنهم بعضها، ورخَّص لهم في ترك بعضها، ومن ذلك ما أجاز للمسافر أن يترك بعض الواجبات، وأسقط عنه المندوبات، وخفف عنه بعض التكاليف؛ رحمة به، ودفعاً للمشقة عنه.
أخي المسلم: يا من يسَّر الله لك السفر إلى بيته الحرام؛ وهيأ لك أسباب ذلك لأداء شعيرة من شعائر الإسلام، وركن من أركانه العظام وهو حج بيته الحرام؛ اعلم أن الله سبحانه قد رخَّص لك في ترك بعض الأمور التي لا ينبغي لك تركها في حال إقامتك، وأجاز لك فعل بعض الأمور التي قد لا يجوز لك فعلها في حال إقامتك، ومن هذه الرخص ما يلي:
أولاً: قصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين حيث يقول الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (سورة النساء:101)، وعن يعلي بن أُمَيَّةَ قال: قلت لِعُمَرَ بن الْخَطَّابِ: {فليس عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا من الصَّلَاةِ إن خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا} فَقَدْ أَمِنَ الناس، فقال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: ((صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته)) رواه مسلم (1108).
ثانياً: الجمع بين الصلاتين؛ إذ يسن للمسافر إذا جدَّ به السير أن يجمع بين الظهر والعصر، وكذا المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير يفعل الأيسر عليه لحديث عبد اللَّهِ بن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أعجله السير في السفر يؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء، قال سالم: وكان عبد الله يفعله إذا أعجله السير" رواه البخاري (1029) ومسلم (1142)، وعن أَنَسِ بن مَالِكٍ رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخَّر الظهر إلى وقت العصر، ثم يجمع بينهما، وإذا زاغت صلى الظهر ثم ركب" رواه البخاري (1044).
وعن مُعَاذٍ رضي الله عنه قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فكان يصلي الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً" رواه مسلم (1149).
ثالثا: زيادة مدة المسح على الخفين فعن شُرَيْحِ بن هَانِئٍ قال: "أتيت عائشة رضي الله عنها أسألها عن المسح على الخفين فقالت: عليك بابن أبي طالب فسله، فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألناه، فقال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوماً وليلة للمقيم" رواه مسلم (414).
رابعاً: سقوط الجمعة على المسافر؛ لأن من شروط وجوب الجمعة الإقامة، والمسافر ليس مقيماً، ولم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي الجمعة في سفره قال ابن عمر رضي الله عنهما: "ليس للمسافر جمعة"[1].
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (17/480): "ولا صلَّى بهم (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) في أسفاره صلاة جمعة يخطب ثم يصلي ركعتين، بل كان يصلي يوم الجمعة في السفر ركعتين كما يصلي في سائر الأيام، وكذلك لما صلَّى بهم الظهر و العصر بعرفة صلَّى ركعتين كصلاته في سائر الأيام، ولم ينقل أحد أنه جهر بالقراءة يوم الجمعة في السفر لا بعرفة ولا بغيرها، ولا أنه خطب بغير عرفة يوم الجمعة في السفر، فعلم أن الصواب ما عليه سلف الأمة وجماهيرها من الأئمة الأربعة وغيرهم من أنَّ المسافر لا يصلي جمعة" انتهى كلامه.
خامساً: ومن رخص المسافر التنفل على الراحلة؛ فيجوز للمسافر أن يصلي قيام الليل، والوتر، وصلاة الضحى وغيرها من النوافل داخل السيارة، وهي تسير به أينما اتجهت لحديث سَعِيدِ بن يَسَارٍ قال: كنت أسير مع عبد الله بن عمر بطريق مكة، فقال سعيد: فلما خشيت الصبح نزلت فأوترت، ثم لحقته، فقال عبد الله بن عمر: أين كنت؟ فقلت: خشيت الصبح فنزلت فأوترت، فقال عبد الله: أليس لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؟ فقلت: بلى والله، قال: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر على البعير" رواه البخاري (944)، ومسلم (1133)، وعن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به، يومئ إيماء صلاة الليل إلا الفرائض، ويوتر على راحلته" رواه البخاري (945).
سادساً: ترك السنن الرواتب عدا سنة الفجر؛ فعن حَفْصِ بن عَاصِمِ بن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ قال: صحبت ابن عمر في طريق مكة قال: فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه، حتى جاء رحله، وجلس وجلسنا معه، فحانت منه التفاتة نحو حيث صلَّى، فرأى ناساً قياماً، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون (أي يصلون نافلة)، قال: لو كنت مسبحاً لأتممت صلاتي، يا ابن أخي إني صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وقد قال الله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (سورة الأحزاب:21)، والحديث رواه مسلم (1112).
فهذه بعض الرخص التي رخصت للمسافر، وهناك رخص أخرى للمسافر؛ لا يتسع المجال هنا لذكرها.
[/align][/cell][/table1]
__________________
|
|
|