منتـــديــآت عـــآلم بۈلـــيۈۈد - عرض مشاركة واحدة - آلحكمهـ آلعآليهـ مصوغهـ في آجمل قآلب من آلبيآنـ[مصطفى آلرآفعي] | مميز
عرض مشاركة واحدة
قديم 26 / 06 / 2012, 30 : 09 PM   #4
نور رجب
[ نجوم في سمآء منتدآنآ ]
♪ أبْغآك ترسْمْني للْأحزآنْ لٌوحةْ ♪
 
الصورة الرمزية نور رجب
 
تاريخ التسجيل: 13 / 01 / 2010
الدولة: My World Egypt
المشاركات: 5,483
معدل تقييم المستوى: 21474842
نور رجب has a reputation beyond reputeنور رجب has a reputation beyond reputeنور رجب has a reputation beyond reputeنور رجب has a reputation beyond reputeنور رجب has a reputation beyond reputeنور رجب has a reputation beyond reputeنور رجب has a reputation beyond reputeنور رجب has a reputation beyond reputeنور رجب has a reputation beyond reputeنور رجب has a reputation beyond reputeنور رجب has a reputation beyond repute
[table1="width:100%;background-image:url('http://store2.up-00.com/June12/5Sa31212.jpg');"][cell="filter:;"][align=center]



(3)
 [حديث القمر
 
من روائع الكاتب الكبير مصطفى صادق الرافعي من كتابه "حديث القمر" والذي يناجي من خلاله القمر وكأنه صديق يشعر بهِ ويجالسه في رحلة فكر فلسفي يختلط بمشاعر إنسانية رائعة..ويذكر في مقدمة هذا الكتاب أنه يسعى لوضع نموذج للتصور الكتابي لكل من يسعى للإطلاع وتذوق الأدب العربي

.

وفي حديثه للقمر يقول الرافعي:

" الحب إحدى كلمتين هما ميراث الإنسانية ،وهدية التاريخ ..والطرفان اللذان تلتقي عندهما السماء والأرض ..." فيا أيها القمر الذي أشرق لآدم وحواء ليلة هبوطهما ..بابتسام يشبه نوراً انبعث من قمرين ثم ما زال يشهد في كل عاشقين "آدم وحواء..."
" لقد نادمتك فهل ثملت ..فَمِلت؟"
" لقد ساهرتك أيها القمر لأحادثك ..وناجيتك لأستخرج الفكر من نفسي .وانتضيت الفكر لأجليَ منه الحقيقة النفسية....وتأملت الحقيقة لأرى ذلك الشعاع الإلهي الذي رأيناه في حبة القلب ..فسميناه الحب..."

وفي حديثة للقمر أيضاً قال الرافعي :
أيها القمر الآن وقد أظلم الليل وبدأت النجوم تنضخ وجه الطبيعة التي أعيت من طول ما انبعثت في النهار ، برشاش من النور الندي يتحدر قطرات دقيقة منتشرة كأنها أنفاس تتثائب بها الأمواج المستيقظة في بحر النسيان التي تجري به السفن الكبيرة من قلوب عشاق مهجورين برّحت بهم الآلام ، والزوارق الصغيرة من قلوب أطفال مساكين تنتزعها منهم الأحلام ، تلك تحمل إلى الغيب تعباً وترحاً ، وهذه لعباً وفرحاً. والغيب كسجل أسماء الموتى تختلف فيه الألقاب وتتباين الأحساب والأنساب ، وتتنافر معاني الشيب من معاني الشباب ، وهو يعجب من الذين يسمونه بغير اسمه ولا يعلمون أنه كتاب في تاريخ عصر من عصور التراب.
والآن وقد بدأت الطبيعة تتنهد كأنها تُنفس بعض أكدارها ، أو هي تُملي في الكتاب الأسود أخبار نهارها ، وبدأ قلبي يتنفس معها كأنه ليس منها قطعة صغرى . بل طبيعة أخرى ....

....والآن وقد رقّت صفحة السماء رقة المنديل ، أبلته قُبل العاشق في بعاد طويل ، أو هجر غير جميل ، وتلألأت النجوم كالابتسام الحائر على شفتي الحسناء البخيلة حيرة القطرة من الندى إذ تلمع في نور الضحى بين ورقتين من الورد ، وأقبل الفضاء يشرق من أحد جوانبه كالقلب الحزين حين ينبع فيه الأمل ، ومرت النسمات بليلة كأنها قطع رقيقة تناثرت في الهواء من غمامة ممزقة وأقبلت كل نفس شجية ترسل آمالها إلى نفس أخرى كأن الآمال بينهما أحلام اليقظة ، ونظر الحزين في نفسه ، والعاشق في قلبه ، ونام قوم قد خلت جنوبهم فليس لهم نفوس ولا قلوب ، ولبس الكون تاجه العظيم فأشرق عليه القمر .

....والآن وقد طلعت أيها القمر لتملأ الدنيا أحلاماً وتشرف على الأرض كأنك روح النهار الميت ما ينفك يتلمس جوانب السماء حتى يجد منها منفذاً فيغيب ، فهلم أبثك نجواي أيها الروح المعذب ، وأطرح من أشعتك على قلبي لعلي أتبين منبع الدمعة التي فيه فأنزفها .إن روحي لا تزال في مذهب الحس كأنها تجهش للبكاء ما دامت هذه الدمعة فيه تجيش وتبتدر ، ولكن إذا أنا سفحتها وتعلقت بأشعتك الطويلة المسترسلة كأنها معنى غزلي يحمله النظر الفاتر فلا تلقها على الأرض أيها القمر ، فإن الأرض لا تقدس البكاء ، وكل دموع الناس لا تُبلُّ ظمأ النسيان ولو انحدرت كالسيل يدفع بعضها بعضاً.

وقال مخاطباً القمر:

أريد أن أبكي بكائي الطبيعي أيها القمر ، لأنه يخيل إليّ أن حقائق كثيرة تغتسل بدموعي ، وأني لا أكون في حاجة للبكاء إلاّ حين تكون هي في حاجة للدموع ، ولقد شعرت مراراً بحركة عقلي في تصفح الأسفار ، واضطراب نفسي في متاحف الآثار ، واختلاج قلبي في معابد الطبيعة التي قامت الجبال في بنائها لأنها أحجار ، فما أفدت من كل ذلك ما أفدته من دمعة تفور في صبيبها كأنها روح عاشق يطاردها الموت بين يدي حبيبها فإن في هذه الدمعة ثواب كل آلامي ، ويقظة كل الحقائق من أحلامي.
وآه إن في " ضمير الطبيعة"وفي المعنى المستتر في الهاء والياء لسراً من الحب تتجدد في الناس معانيه المُعضلة كأن فيه حياة غريبة تغذوه بتلك المعاني ، فهو في علم الروح كالروح نفسها في علم الإنسان .

وإذا تناولته نفس المحب وطفقت تعالجه رأيت المحب ذاهلاً كأنه حي بلا نفس ، وآنست من نظره عمقاً بعيد الغور كأنه الطريق الذي مرت منه نفسه ، فهل يمكن أن يكون في يقظة هذا الإنسان نوع من الحلم ؟

ولَعمري أيها القمر إني لأشكو إليك بَثّي وحزني، وأناجيك بأحلام النفس الإنسانية، وإنك لَتُجيبني الجواب الصامت البليغ فتطرح أشعتك في قلبي آخذُ من بعضها قولاً وأُرجع إليك بعضها قولاً، كالعاشق يرى في ألحاظ حبيبته بالنظرة الواحدة ما في نفسه وما في نفسها.


 
 

يتبع

[/align][/cell][/table1]
__________________
هنآ(Ask me)
نور رجب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس