قصتي مع سلمان خان
الملاك الحارس
ساندي فتاة رقيقة للغاية، مليئة بالأحلام والمشاعر الجميلة وقلبها يمتلئ بالحب والمودة للجميع، يحب الكل طيبتها ورقتها ويعشق البعض بسمتها، تبدو دوما في أفضل حالاتها وكم يؤلمها أن يفهمها أحد بشكل خاطئ أو يفسر تصرفاتها أو ردود أفعالها وكلامها تفسيرا لا نصيب له من الصحة، حينها تنطوي على نفسها وتكتئب وتتألم وتبكي ثم تصفو سماء عالمها الصغير من الغيوم الكئيبة وتستعيد إشراقها ومرحها وتنطلق مبتسمة من جديد لمواصلة ما كانت تقوم به.
إنها تستعيد مرحها بعد بعض الوقت والفضل يعود لوردة صغيرة بيضاء محاطة بشريط أزرق تراها عند نافذتها كل يوم وكل ليلة وتظهر الوردة بمجرد أن تشعر بالألم والحزن وبعض الكآبة و تختفي حين تعود الابتسامة مشرقة لوجهها. إنها لا تعرف من يضع أو من تضع الوردة عند نافذتها لكنها تشعر بالسعادة والسرور حينما تراها وتشعر أن روحها تحلق في سماء جميلة مليئة بالنجوم. يبدو أن هناك ملاكا حارسا يـ/تزعجه/ـا رؤيتها حزينة وتـ/يرغب برؤيتها مبتسمة وهانئة.. مجرد التفكير في ذلك يجعلها سعيدة للغاية وعليه فهي تواصل عملها بلا كلل وبكل نشاط وابتسامتها العذبة مشرقة وجميلة. على أن سماء هذه الفتاة الرقيقة موعودة ببعض الكدر والحزن فهاهي تتلبد بالغيوم من جديد مما أزعج روحها الحساسة وجعلها في غاية الاكتئاب والقلق.. لم تفلح جهود الصديقات وبقية الأميرات اللاتي يسكن معها في ذات المكان بتهدئتها أو بجعلها أفضل حالا، حتى تلك الوردة لم تعد تجدي ولم تعد تترك سوى اثر ضئيل في داخلها، اثر لا تعرف كنهه ولا كيف تصفه. أحست أن وسادتها تتألم من كثرة الدموع التي نزلت عليها فلفت عليها ردائها وقررت الذهاب للحديقة الكبيرة، ستجلس عند شجرة البلوط الكبيرة وتحاول أن تسترخي وتعيد ترتيب أفكارها للتوصل لحل جيد كي تتخلص من هذه المشاكل التي هبطت عليها فجأة بكل عنف وبلا سابق إنذار.
عند دخولها للحديقة على عجل، اصطدمت بشخص كان خارجا للتو يحمل باقة من الورود النقية.. أنا آسفة حقا..كلا الخطأ مني، لم انتبه لقدوم أحد، المعذرة منك.. حينما التقت عينيهما شعرت أنها ترى بحرا غامضا وشعر انه يرى غديرا رقيقا.. عاونته على ترتيب الورود واختارت لها مكانا جميلا في غرفة الاستراحة التابعة للحديقة.. تبدين كالحوريات الخارجات من أجواء القصص الخيالية.. هكذا قال بهدوء وهو يتأملها كيف ترتب الورود.. شيء واحد فقط مختلف، هكذا أكمل.. الأميرات مبتسمات دائما ويقضين وقتا مرحا أما أنت فالدموع تغمر وجهك..
ياله من متطفل، هكذا أسرت لنفسها..ما شأنه أن كانت الدموع تغمر وجهي أم لا.. استدارت إليه بحدة قائلة: وجهي خال من الدموع وأنا لا أبكي.. أنا بخير حال.. اقترب منها بهدوء وقطف من وردة قريبة ورقة وضعها على وجنتيها ثم وضعها أمام عينيها المذهولتين.. الورقة تحمل بعض الماء.. هذه دموعها بلا شك فملمس الورقة لم يحوي أي مياه.. امسك كتفيها برقة و أدارها حيث المرآة ثم قال وهو يلامس بأصبعه خطا على وجهها لا يكاد يتضح: وهذا أثر دموع قد جفت ودموع أخرى قد نزلت فوقه.. ألا ترينه؟؟ أحنت رأسها حائرة مرتبكة.. ابتعد عنها نحو غرفة صغيرة لإعداد الشاي واعد كوبين احضرهما وأشار لها بالجلوس كي ترتاح..
معذرة لفظاظة أسلوبي.. اسمي سلمان تسعدني معرفتك.. أنا احد المقيمين في هذه القلعة الكبيرة.. في الأوقات التي لا أقوم بعمل أي شيء هنا فإني أرتاد الحديقة للاعتناء ببعض الورود، خاصة الورود البيضاء، أحبها للغاية فهي تبعث في نفسي الهدوء والصفاء وتمنحني راحة كبيرة وأنت –إن كان لي أن اسأل-؟ أُدعى ساندي.. أهلا بك ساندي، مسرور بمعرفتك.. شكرا.. قليل من الشاي سيعيد إليك انتعاشك، تفضلي، هل أضع بعض الحليب.. اجل القليل لو سمحت.. سكب لها وسكب لنفسه شيء منه وجلس يحاول أن يجعلها في حال أفضل.. هل يضايقك ربما أن تحكي لي عما يزعجك؟ نظرت إليه مندهشة وممتنة في ذات الوقت للطفه، إنها بحاجة للكلام لكنها لا تود أن تتكلم مع شخص تراه لأول مرة أو هكذا تظن.. لكنها أيضا أحست بالألفة معه وأدركت أن اهتمامه صادق وغير مصطنع.. هكذا أخذت تحكي له عما ضايقها وأزعجها وكدر صفوها وهو يتناقش معها في الموضوع من كافة الأوجه.. يطرح أمامها وجهات نظر كثيرة ويقلب لها الأمر على عدة أوجه، يناقشها في ردود أفعالها تجاه ما يحدث حولها ويبين لها الحلول البديلة.. شيئا فشيئا زالت رهبتها منه وزال ارتباكها وخف حزنها قليلا.. إن لديها من يمكنها الوثوق برأيه والاستناد إلى مشورته.. هكذا أصبح سلمان أستاذها والروح التي تلجأ إليها كلما اشتد بها حزن أو عصف بها غضب.. تجد لديه ما يخفف عنها وما يسليها وما يجعل عقلها في حالة ذهنية صافية متقدة تماما.. الأجمل أن تلك الورود البيضاء لا تزال موجودة دوما عند نافذتها وكم هي سعيدة حقا..
تبدين سعيدة للغاية.. اجل سلمان، لقد أصبح مرأى الورود يعيد لي الابتهاج والفرح اللذين نسيتهما منذ فترة لا اذكر كم بلغت.. من الجيد رؤيتك دوما مبتسمة فالابتسامة تجعل وجهك مشرقا، الحق أقول وجهك البريء أرق مع ابتسامة هادئة.. غزت وجهها ملامح الخجل فصمتت ريثما يهدأ قلبها المضطرب بعض الشيء.. مابك ساندي؟ لا شيء حقا، مجرد إحساسي بالسعادة يجعلني أحيانا أميل للصمت، هل تراني غريبة الأطوار؟كلا لا أظن، اعتقد أن المرء لم يختبر السعادة كما اختبر الحزن لذلك حينما يكون مبتهجا فإن عقله يعمل بكفاءة أكثر، إنه يحلل ويعمل ويترجم أشياء كثيرة تحيط به بينما في حال الحزن يخبو بريق العقل ويسود جو الكآبة فترين المرء ساهما مفكرا في اللاشيء بالواقع.. من أين اكتسبت فلسفتك؟ فلسفتي؟؟ إنها مجرد طريقة في التفكير والنظر لبعض الأمور، لا أجرؤ على تسميتها فلسفة بل طريقة نظر للأمور فحسب..حسنا كيف اكتسبتها؟من تأمل ما حولي من أحداث وشخصيات، من تأمل شخصيتك.. أنا؟؟؟ قالتها بدهشة طفولية حقا أرغمته على الابتسام فقال بهدوء: أجل، أنت.. منذ قدومي إلى هنا لم أعد اعي ما حولي حينما أراك، انشغل عن الكل بتأملك.. آتي إلى هنا لأن هذا المكان يقع تحت شرفتك.. أستطيع تأملك وأنت تقرئين كتابا أو تكتبين شيئا.. وحينما تجول عينيك الرقيقتين في أرجاء الحديقة وتعلو وجهك الابتسامة، يغمرني السرور والفرح.. وحينما تحزنين اشعر بالألم و أدعو أن ينتقل الألم لي ويتركك.. لا أحتمل رؤيتك حزينة مطلقا..
نظرت إليه باسمة: أنت هو ملاكي الحارس إذن؟ قالتها برقة وخجل.. كان وجهها يتلألأ بابتسامة حلوة وهي تكرر كلامها فابتسم.. امتدت يده لوردة بيضاء رقيقة وضعها في شعرها برقة وهو يقول: أحب هذا اللقب حين ينطقه لسانك.. إن كان لي أن أكون شخصا مهما في الحياة فحسبي أنني ملاكك الحارس.. لا أرجو من هذا العالم سوى رؤيتك بألف خير ومبتسمة ومرتاحة في كل جوانب حياتك.. صحيح حياتنا ليست عسلا بأكملها لكنها أيضا ليست علقما، المهم أن نجيد التعامل مع ما يمر بنا، أن نحاول أن نكون أقوى وأفضل كيلا نرفع شعار الاستسلام مطلقا.. رفع كفها إلى شفتيه وقبلها برقة ثم قال: ساندي، ملاكك الحارس يرغب بابتسامة تنير له يومه وتجعله أكثر إشراقا فهل يمكنك منحه إياها؟
ابتسمت بخجل واستجابت لرغبته الصامتة وحينما رفعت رأسها إليه رأى سلمان أرق ابتسامة على وجهها البريء فقبل جبينها بلطف وقادها نحو الحديقة ليمتعا بصريهما بورد أبيض نقي يزيح الهم عن النفس ويبث فيها أملا بغد أفضل.
كتابة القصة:ايوري
ايش رأيكم في القصة؟