..أنا اسمي خان؟!
اليوم الإلكتروني-السعودية - 4 مارس , 2010
إذا كان خبراء الإعلام يعتبرون الصورة المعبرة، أكثر تأثيراً من آلاف المقالات، فإن علماء البروباجاندا أو الدعاية، يرون أن ما يمكن أن يحدثه «فيلم» قد يتجاوز ما تفعله حرب، وأن قصة واحدة إنسانية، يمكنها قلب الرأي العام رأساً على عقب.. لقطات مقتل الطفل الفلسطيني محمد الدرّة، هزّت العالم، وصورة الطفل الذي يرقب أمه الميتة بفعل المجاعة، نبّهت الوجدان والضمير لما هو أعمق.
كلنا في عالمنا العربي والإسلامي، عانينا الأمرّين ـ ولا زلنا ـ من تبعات أحداث 11 سبتمبر المشؤومة، وهزاتها الارتدادية التي جلبت الويلات والمصائب، وما زلنا بعد تسع سنوات نحاول ترميم الصورة التي تشققت بفعل «القاعدة» والإرهاب، وما تلاها من تعبيرات التشدد والتطرف وغيرها، وأمام الهجمة الإعلامية القوية للغرب، وأدواته الإعلامية، فشلنا وفشلت معنا كل قنواتنا الفضائية التي تملأ الفضاء ضجيجاً وصخباً ورقصاً وفيديو كليب ومناوشات وصراخات وسجالات حول توافه الأشياء، كلنا فشلنا في تقديم عملٍ فني أو أدبي واحد يخاطب الغرب، ويقدمنا كما نحن، بموروثنا الحضاري، وبقيمنا الدينية.
كانت كل خطاباتنا إما استنكارية، أو إقصائية أو تبريرية، وكأننا نكرر ما يعرف بعقدة الذنب، تعاملنا مع الأمر بمنطق الصدمة، فتعرضنا للصعق، في أفغانستان والعراق، وما خفي كان أعظم.
فيلم واحد ـ لحسن الحظ أنه غير عربي ـ اسمه «أنا اسمي خان»، إنتاج هندي أمريكي مشترك، يحكي قصة الطفل الهندي المسلم خان، المريض بالذاتوية (التي نطلق عليه خطأ التوحد) وفشلت جميع جهود علاجه رغم ذكائه الخارق، فأخذته أمه للولايات المتحدة، ليعيش ويتماثل للعلاج، لكن فجأة تقع أحداث سبتمبر، ليعيش الطفل وسط حمى التعصب والاتهامات التي طالت الإسلام والمسلمين بعنف وقسوة وافتراء، ينتكس الطفل، لكنه يحاول الوصول للرئيس بوش ليشرح له، أنه ليس إرهابياً، لكنه يفشل في الوصول إليه، لأن الضجيج وفوبيا الاتهامات كانا أقوى من إرادة طفل مسلم لم ييأس، بل استمر في محاولاته، حتى وصل بعد تسع سنوات إلى البيت الأبيض، ليقابل الرئيس أوباما وسأله: هل أنا إرهابي.. لأني مسلم؟
بهذه العقلية، نسف مسلم هندي كل ماكينة الإعلام المتشنج، وتغلب على ما لم نستطع فعله بغير الكلام، طيلة هذه السنوات؟
مسلم هندي.. في فيلم هندي أمريكي تحدث بالنيابة عنا.. بينما كل فضائياتنا وقنواتنا وصحفنا لا تزال طيلة 24 ساعة يومياً غارقة في مزايا الرشاقة وفتاوى إرضاع الكبير وخناقات ما بعد مباريات كرة القدم!!